وكنت اترقب السفر في كل لحظة ، لذلك رفضت السفر الى القوش ، وفضلا عن ذلك فان الاب جيوفاني تاديو (١) Ctio Taddeo كان طريح الفراش فلم يسعني ان اتركه.
احتفلت الموصل في تلك الفترة باعياد يطلقون عليها اسم «الزينة» وبالتركية «دولمنا» (٢) وذلك بايقاد المشاعل خلال ليال متتالية ، وبتحميل الطرقات خاصة في الاسواق «البزار» وقد امر الوالي باقامة الزينات بمناسبة استيلاء الاتراك على حصن مكين كان في يد النصارى ، ولا اعلم موقع ذاك الحصن (٣) ، لكن احد الجنود قال لي بان غاية الاحتفال كان للدعاية ولخداع الشاه الايراني بانتصارات خيالية ، كي لا يهاجم المملكة من جهة ايران : لانه ، اعني الحادث يفهمنا ان الدولة العثمانية تخيف في ظواهرها لا في حقيقتها ، ويعرف الاتراك كيف يظهرون انفسهم اكثر مما هم في الواقع.
الكلك هو عبارة عن مجموعة من العبيدات اليابسة المعوجة ، تربط حزما حزما فوق قرب منفوخة بالهواء فتسند حزم الاعواد كي لا تغطس من ثقل البضائع. والكلك مربع الشكل ، لا دفة له ولا جؤجو (مقدمة) بل يستعملون مجذافين هما بالاحرى قطعتان معوجتان من الخشب تنتهيان بلوح مسطح من الخشب ايضا ، ونظرا لبساطة تكوينه ، لذلك فمن ابسط الامور اعداد ثلاثة اكلاك او اربعة في مدة قصيرة من الزمن ، فلكي نحث على الاسراع في تحضير الاكلاك ، خرجنا من المدينة ونزلنا الى شاطىء النهر يومين او ثلاثة ،
__________________
(١) نقل يعقوب سركيس هذا الاسم خطأ «جيوتاديو» مباحث عراقية ١ / ٣٤٣.
(٢) دولمنا كلمة تركية وهي دوننما وتعني الزينة ، والاصح كتابتها طوننما لانها مشتقة من طون بمعنى الثوب واللون والزينة (هذا التعليق للاب الكرملي وجدناه في قاموس تركي ـ فرنسي من كتبه الخاصة).
(٣) جاء في كلشن خلفا «وفي سنة ١٠٧٠ كان النصر في كل الجهات حليف السلطان ... وانه بعد ما حاصر قلعة رواد تمكن من فتحها وتغلب على حاميتها ، وزفت البشائر بهذا الفتح الى كل مكان وخاصة بغداد حيث اعلنت فيها الافراح ثلاثة ايام بلياليها واقيمت فيها معالم الزينة» ص ٢٥٩.