قال : وحدّثنا أبو سعيد ، حدّثني عاصم بن مراوح (١) ، حدّثنا ياسين بن عبد الأحد قال : سمعت أبي يقول : سمعت غوث بن سليمان يقول :
بعث إليّ أمير المؤمنين أبو جعفر المنصور فحملت إليه ، فقال لي : يا غوث إنّ صاحبتكم الحميرية خاصمتني إليك في شروطها ، قلت : أفيرضى أمير المؤمنين أن يحكمني عليه؟ قال : نعم ، قلت : فالحكم له شروط ، فيحملها أمير المؤمنين؟ قال : نعم ، قلت : يأمرها أمير المؤمنين فتوكّل وكيلا وتشهد على وكالته خادمين حرّين يعدّلهما أمير المؤمنين على نفسه ، ففعل ، فوكّلت خادما وبعثت معه بكتاب صداقها ، وشهد الخادمان على توكيلها ، فقلت له : تمّت الوكالة ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يساوي الخصم في مجلسه فليفعل ، فانحطّ عن فرشه وجلس مع الخصم ، ودفع إليّ الوكيل كتاب الصّداق فقرأته عليه فقلت : أيقرّ أمير المؤمنين بما فيه؟ قال : نعم ، قلت : أرى في الكتاب شروطا مؤكدة بها تمّ النكاح بينكما ، أرأيت يا أمير المؤمنين لو أنك خطبت إليها ولم تشترط لها هذا الشرط كانت تزوجك؟ قال : لا ، قلت : فبهذا الشرط تمّ النكاح ، وأنت أحقّ من وفّى لها بشرطها ، قال : قد علمت إذ أجلستني هذا المجلس أنك ستحكم عليّ ، قلت : أعظم جائزتي وأطلق سبيلي يا أمير المؤمنين قال : بل جائزتك على من قضيت له وأمر لي بجائزة وخلعة ، وأمرني أن أحكم بين أهل الكوفة ، فقلت : يا أمير المؤمنين ليس البلد بلدي ولا معرفة لي بأهله ، قال : لا بدّ من ذلك ، قلت : يا أمير المؤمنين فأنا أحكم بينهم ، فإذا أنا ناديت : من له حاجة بخصومة ، ولم يأت أحد فائذن لي بالرجوع إلى بلدي ، قال : نعم ، قال غوث : فجلست فحكمت بينهم ثم انقطع الخصوم ، فناديت بالخصوم فلم يأت أحد ، فرحلت من وقتي إلى مصر.
أنبأنا أبو محمّد بن حمزة ، عن أبي القاسم الحرفي ، أنبأنا أبو محمّد بن النحاس ، أنبأنا أبو عمرو الكندي ، حدّثني يحيى بن أبي معاوية ، حدّثني خلف ـ يعني ابن ربيعة ـ حدّثني زياد ابن يونس قال :
سمعت غوث بن سليمان يقول : قال لي أبو جعفر : أقم هاهنا ، فقلت : البلد ليس بلدي ، وليس لي معرفة بأهله ، فإن رأيت أن تعفيني ، فأعفاني.
أخبرني أبو البركات بن المبارك ، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون ، أنبأنا أبو القاسم بن
__________________
(١) كذا رسمها بالأصل.