القضاء بعد موت ابن بلال فوليها غوث إلى أن صرف عنها هو وخليفته ابن بلال تسع سنين ، وكان صرفه في شهر رمضان سنة أربع وأربعين ، قال : ثم ولي القضاء بها غوث بن سليمان ولايته الثالثة عليها من قبل المهدي ، وردّ الكتاب بولايته في جمادى الأولى سنة سبع وستين ومائة ، حدّثني بذلك يحيى بن خلف عن أبيه ، وقال : أقام غوث بن سليمان بمصر ثلاثا وعشرين سنة منذ صرف عن القضاء سنة أربع وأربعين ومائة ، ووليها غوث إلى أن توفي بها وهو على قضائها في جمادى الآخرة سنة ثمان وستين ومائة ، ووليها سنة واحدة ، صلّى عليه الأمير موسى بن مصعب الخثعمي.
قال : وحدّثنا أبو عمر ، حدّثني ابن قديد ، حدّثنا عبيد الله بن سعيد ، عن أبيه ، حدّثني عمرو بن بحري الشيباني.
أن صالح بن علي لما نزل دابق وحشد الناس للصائفة جعل على كلّ جند قاضيا ، فشكوا تطويل القضاة فذكر ذلك للمصريين ، فقال له عمرو بن الحارث : اجمعهم على غوث ابن سليمان فإنه يستضلع بهم ، ففعل ، قال عمرو بن الحارث : فكنا نمرّ به والناس يترادفون عليه ، فيقول : انزلوا نتحدث ، فنقول أنّى لنا بالحديث وعليك من نرى ، فيقول : انزلوا ناحية فماسسب (١) أن يتفرج (٢) الناس عنه ويخلو ، فنتحدث.
أنبأنا أبو محمّد حمزة بن العبّاس ، وأبو الفضل بن سليم ، وحدّثني أبو بكر اللفتواني عنهما قالا : أنبأنا أحمد بن الفضل ، أنبأنا أبو عبد الله بن مندة ، أنبأنا أبو سعيد بن يونس ، حدّثنا علي بن الحسن بن قديد ، حدّثنا عبد الرّحمن بن عبد الله بن عبد الحكم (٣) ، حدّثنا حمّاد بن المسور أبو رجاء قال :
قدمت امرأة من الريف في محفّة (٤) وغوث قاضي مصر إذ ذاك ، فوافت غوث بن سليمان عند السّرّاجين رائحا إلى المسجد ، فشكت إليه أمرها وأخبرته بحاجتها ، فنزل عن دابّته في بعض حوانيت السّرّاجين ولم يبلغ المسجد ، فكتب لها بحاجتها وركب إلى المسجد ، فانصرفت المرأة وهي تقول : أصابت والله أمك حين سمّتك غوثا ، أنت والله غوث عند اسمك.
__________________
(١) كذا رسمها بالأصل.
(٢) كذا بالأصل.
(٣) الخبر في فتوح مصر لابن عبد الحكم ص ٢٤٤.
(٤) المحفة : بالكسر ، مركب للنساء كالهودج إلّا أنها لا تقبب (القاموس).