أنت أسلمت وقصّرت في شيء من شرائع الإسلام ضربت الذي فيه عيناك ، فقال له : ضع عنّي صوم شهر رمضان ، فقال له عبد الملك : ليس إلى ذلك سبيل ، فقال الأخطل (١) :
ولست بصائم رمضان طوعا |
|
ولست بآكل لحم الأضاحي |
ولست (٢) براحل عيسا بكارا |
|
إلى بطحاء مكة للنجاحي |
ولست بقائم أبدا أنادي |
|
كمثل العير ، حيّ على الفلاح |
ولكني سأشربها شمولا |
|
وأسجد عند مبتلج الصّباح |
قال أبو بكر : يروى منبلج ومبتلج.
فبلغ ذلك عبد الملك بن مروان فلما دخل عليه قال له : ويحك يا أخطل ، صف لي السّكر ، قال : أوّله لذة وآخره صداع ، وبين ذلك ساعة لا أصف لك مبلغها ، فقال له : ما مبلغها؟ فقال : لملكك يا أمير المؤمنين أهون علي من شسع نعلي ، فقال له عبد الملك : صف لي ، فأنشأ يقول (٣) :
إذا ما نديمي علّني ثم علّني |
|
ثلاث زجاجات لهنّ هدير |
خرجت (٤) أجرّ الذّيل مني كأنّني |
|
عليك أمير المؤمنين أمير |
فقال له عبد الملك : يا أخطل قلّ من شربها ـ وهذه صفتها ـ أن تسخو نفسه بترك لذتها إلّا ما أحب أن يبتغي (٥) إلى ذي العرش سبيلا.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم ، عن رشأ بن نظيف ، ونقلته من خطه ، أنبأنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن إبراهيم ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن يحيى الصولي ، حدّثنا ابن فهم ، عن أبيه ، حدّثنا محمّد بن داود اليماني قال : قال عوانة :
دخل الأخطل على عبد العزيز بن مروان وهو مريض يعوده فقال (٦) :
ونعود سيّدنا وسيّد غيرنا |
|
ليت التّشكّي كان بالعوّاد |
__________________
(١) الأبيات في ديوانه ط بيروت ص ٧٢.
(٢) هذا البيت ليس في الديوان.
(٣) ديوانه ص ١٨٩.
(٤) في الديوان : جعلت.
(٥) تقرأ بالأصل : «يتبعني» والمثبت عن المختصر.
(٦) البيتان ليسا في ديوان الأخطل ط بيروت ، والبيتان لكثير ، وهما في ديوانه ط بيروت ص ٩٢.
والخبر من طريق آخر رواه المصنف في ترجمة عبد العزيز بن مروان ٣٦ / ٣٥٥ ـ ٣٥٦ والذي دخل عليه يعوده كثير ، وذكر البيتين ونسبهما لكثير.