صحل (١) صوتي ، فاسقني شربة خمر ، فسقاه رطلا ، فقال : أعدله بآخر ، فسقاه آخر ، فقال : تركتهما يعتركان في بطني ، اسقني ثالثا ، فسقاه ثالثا ، فقال : تركت اثنين (٢) على واحد ، اعدل بينهما برابع ، فسقاه رابعا ، فدخل على عبد الملك فأنشده :
خفّ القطين فراحوا منك أو بكروا (٣)
فقال عبد الملك : لا ، بل منك ، وتطير عبد الملك من قوله ، فعاد فقال :
فراحوا اليوم أو بكروا
فأنشده حتى بلغ :
شمس العداوة حتى يستقاد لهم |
|
وأعظم الاس أحلاما إذا قدروا |
فقال عبد الملك : خذ بيده يا غلام ، فأخرجه ثم ألق عليه من الخلع ما يغمره ، ثم ناد (٤) : إنّ لكل قوم شاعرا ، وأنّ شاعر بني أمية الأخطل ، فمرّ به جرير فقال : كيف تركت خنازير أمك؟ قال : كثيرا ، وإن أتيتنا قريناك منها ، فكيف تركت أعيار أمّك؟ قال : كثير (٥) ، وإن أتيتنا حملناك على بعضها.
كتب إليّ أبو القاسم يحيى بن أبي المعالي ثابت بن بندار بن إبراهيم (٦) ، أنبأنا أبي ، أنبأنا أبو العباس أحمد بن عمر بن أحمد البرمكي الحنبلي ، أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد ابن علي بن الجرادي ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن القاسم بن الأنباري ، حدّثنا محمّد بن المديني ، وهو محمّد بن علي ، حدّثنا أبو الفضل الربعي ، عن أبي عثمان ، عن الأصمعي قال :
دخل الأخطل على عبد الملك بن مروان يوما فحادثه وأنشده من شعره ، فأعجب به (٧) عبد الملك وقال له : يا أخطل أسلم تسلم ، قال : نعم يا أمير المؤمنين ، إن أنت أحللت لي الخمرة ، ولم تكلفني حجّ البيت ، ولم تأخذني بصيام شهر رمضان ، قال له عبد الملك : إن
__________________
(١) صحل صوتي : بح.
(٢) في الأغاني : تركتني أمشي على واحدة ، اعدل ميلي برابع.
(٣) مطلع قصيدة للأخطل مدح بها عبد الملك بن مروان ، ديوانه ص ١٠٠ وعجزه في الديوان : وأزعجتهم نوى في صرفها غير.
(٤) بالأصل : نادى.
(٥) كذا بالأصل.
(٦) ترجمته في سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٠٥.
(٧) كتبت «به» فوق الكلام بين السطرين بالأصل.