أخبرنا أبو الحرم مكي بن الحسن بن معافى (١) ، وأبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل ، قالا : أنبأنا أبو محمّد مقاتل بن مطكود بن أبي نصر ، أنبأنا أبو الحسن علي بن محمّد بن شجاع ، أنبأنا أبو الفتح محمّد بن إبراهيم بن يزيد النّصري بالقدس سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة ، حدّثنا أبو عبد الله عبيد الله بن محمّد بن محمّد بن حمدان بن بطّة العكبري (٢) ، وأبو الحسن علي بن محمّد بن ينال الشافعي ـ شك الشيخ أبو الفتح ـ أنبأنا أبو بكر القاسم بن إبراهيم الصفار (٣) ، حدّثنا حجر بن محمّد السّامريّ البصري ، حدّثنا عبد الرّحمن بن عبيد الله البصري ، حدّثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل المنقري (٤) ، حدّثنا حماد أبي سلمة (٥) ، عن أبي جعفر الخطمي (٦) قال :
بلغ عمر بن عبد العزيز كلام غيلان القدري في القدر ، فأرسل إليه فدعاه ، فقال له : ما الذي بلغني عنك؟ تكلّم في القدر؟ قال : يكذب عليّ يا أمير المؤمنين ، ويقال عليّ ما لم أقل ، قال : فما تقول في العلم؟ ويلك أنت مخصوم إن أقررت بالعلم خصمت وإن جحدت بالعلم كفرت ، ويلك أقرّ بالعلم تخصم خير من أن تجحد فتلعن ، والله لو علمت أنّك تقول الذي بلغني عنك لضربت عنقك ، أتقرأ (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ)(٧)؟ قال : نعم ، قال : اقرأ ، فقرأ : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) إلى أن بلغ : (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) قال له : قف ، كيف ترى؟ قال : كأنّي لم أقرأ هذه الآية قط ، قال : زد : (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ) قف ، من جعل الأغلال في أعناقهم؟ قال : لا أدري ، قال : ويلك ، الله ، والله قال ، زد : (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا) قال : قف ، قال : ويلك ، من جعل السّدّ بين أيديهم؟ قال : لا أدري ، قال : ويلك ، الله ، والله ، زد ويلك ، (وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ)(٨) ، قف ، كيف ترى؟ قال : كأنّي والله لم أقرأ هذه السورة
__________________
(١) قارن مع مشيخة ابن عساكر ٢٤٥ / ب.
(٢) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٦ / ٥٢٩.
(٣) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٥ / ٥٤٦.
(٤) بالأصل : النقري ، تصحيف ، والصواب ما أثبت ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٠ / ٣٦٠.
(٥) يعني حماد بن سلمة بن دينار البصري ، أبو سلمة بن أبي صخر ترجمته في تهذيب الكمال ٥ / ١٧٥.
(٦) هو عمير بن يزيد ، الخطمي المدني ، ترجمته في تهذيب الكمال ١٤ / ٤٢١ طبعة دار الفكر.
(٧) سورة يس ، من الآية الأولى إلى آخر الآية ١١.
(٨) سورة يس ، من الآية الأولى إلى آخر الآية ١١.