قط ، فإنّي أعاهد الله أن لا أعود في شيء من كلامي أبدا ، فانطلق.
فلمّا ولّى قال عمر بن عبد العزيز : اللهمّ إن كان أعطاني بلسانه ومحنته في قلبه فأذيقه حرّ السيف.
فلم يتكلم في خلافة عمر بن عبد العزيز ، وتكلّم في خلافة يزيد بن عبد الملك ، فلمّا مات يزيد أرسل إليه هشام فقال : ألست كنت عاهدت الله لعمر بن عبد العزيز أنّك لا [تكلّم](١) في شيء من كلامك؟ قال : أقلني يا أمير المؤمنين ، قال : لا أقالني الله إن أنا أقلتك يا عدوّ الله ، أتقرأ فاتحة الكتاب؟ قال : نعم ، فقرأ : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) قال : قف (٢) يا عدوّ الله ، على ما تستعين الله ، على أمر بيدك أم على أمر بيده؟ من هاهنا ، انطلقوا به فاضربوا عنقه واصلبوه ، قال : يا أمير المؤمنين أبرز لي رجلا من خاصّتك أناظره ، فإن أدرك عليّ أمكنته من علاوتي فليضربها ، وإن أنا أدركت عليه فاتبعني (٣) به قال هشام : من لهذا القدري؟ قالوا : الأوزاعي ، فأرسل إليه وكان بالساحل ، فلمّا قدم عليه ، قال له الأوزاعي : أخبرني يا غيلان إن شئت ألقيت عليك ثلاثا ، وإن شئت أربعا ، وإن شئت واحدة ، قال : ألق عليّ ثلاثا.
قال : أخبرني عن الله ، قضى على ما نهى؟ قال : لا أدري كيف هذا ، قال الأوزاعي : واحدة يا أمير المؤمنين.
ثم قال : أخبرني عن الله ، أمر بأمر ثم حال دون ما أمر؟ قال القدري : هذه والله أشدّ من الأولى (٤) ، قال الأوزاعي : هاتان اثنتان يا أمير المؤمنين.
ثم قال : أخبرني عن الله ، حرّم حراما ثم أحلّه؟ قال : هذه والله أشدّ من الأولى (٥) والثانية ، قال الأوزاعي : كافر ، وربّ الكعبة يا أمير المؤمنين.
فأمر به هشام فقطعت يديه ورجليه وضربت عنقه وصلب ، فقال حين أمر به : أدركتني دعوة العبد الصالح عمر بن عبد العزيز.
قال هشام : يا أبا عمرو فسّر لنا الثلاث التي ألقيت عليه ، قال : قلت له : أخبرني عن الله ، قضى على ما نهى ، [إنّ الله نهى آدم عن أكل الشجرة ، ثم قضى عليه أن يأكل منها ، قلت
__________________
(١) بياض بالأصل ، واللفظة أثبتت عن المختصر.
(٢) بالأصل : «أفق» والتصويب عن المختصر.
(٣) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن المختصر.
(٤) بالأصل : الأولة.
(٥) بالأصل : الأولة.