لقد انخدعت لكم في مالي ، وذلّلت لكم في عرضي ، أرى انخداعي تكرّما ، وذلّي حلما ، ولو وليتمونا رضينا منكم بالإنصاف ، ثم لا نسألكم [أموالكم](١) لعلمنا بحالنا وحالكم ، ويكون أبغض الأمور إلينا أحبها إليكم ، لأنّ أبغضها إلينا أحبها إليكم ، قل يا بن عبّاس ، فقال ابن عبّاس : ولو ولينا منكم مثل الذي وليتم منا أ(اخترنا المواساة ثم لم يعش الحيّ بشتم الميت ، ولم ينبش الميت بعداوة (٢) الحيّ ، ولأعطينا كلّ ذي حقّ حقه ، فأما إعطاؤكم الرجل منا ألف ألف فلستم بأجود منا أكفا ، ولا أسخى منا أنفسا ، ولا أصون لأعراض المروءة وأهداف الكرم ، ونحن والله أعطى في الحق منكم على الباطل ، وأعطى على التقوى منكم على الهوى ، فأما رضاكم منا بالكفاف فلو رضيتم به منا لم نرض لأنفسنا بذلك ، والكفاف رضى من لا حقّ له ، فلو رضيتم به منا اليوم ما قتلتمونا عليه أمس ، فلا تستعجلونا حتى تسألونا ، ولا تلفظونا حى تذوقونا ، فقال الفضل بن عبّاس بن عتبة بن أبي لهب :
وقال ابن حرب قولة أموية |
|
يريد بما قد قال تفتيش (٣) هاشم |
أجب يا بن عبّاس تراكم لو انكم |
|
ملكتم رقاب الأكرمين (٤) الأكارم |
أتيتم إلينا ما أتينا إليكم |
|
من الكفّ عنكم واجتباء الدراهم |
فقال ابن عباس مقالا أمضّه |
|
ولم يكن عن ردّ الجواب بنائم |
نعم لو وليناكم عدلنا عليكم |
|
ولم تشتكوا منا انتهاك المحارم |
ولم يعتمد للحيّ والميت غمة |
|
تحدثها الركبان أهل المواسم |
ولم نعطكم (٥) إلّا الحقوق التي لكم |
|
وليس الذي يعطي الحقوق بظالم |
وما ألف ألف تستميل ابن جعفر |
|
بها يا بن حرب عند حزّ الحلاقم (٦) |
فأصبح يرمي من رماكم ببغضه |
|
عدوّ المعادي سالما للمسالم |
فأعظّم بما أعطاك من نصّح جيبه |
|
ومن أمر (٧) عيب ليس فيه بنادم |
__________________
(١) زيادة للإيضاح عن ت والجليس الصالح.
(٢) بالأصل وت : «بعداواة». والمثبت عن الجليس الصالح.
(٣) كذا بالأصل وت والجليس الصالح ، وفي المختصر : تفنيش.
(٤) كذا بالأصل وت والمختصر ، وفي الجليس الصالح : الأقربين.
(٥) بالأصل : يعطكم ، والحرف الأول بدون إعجام في ت ، والمثبت عن الجليس الصالح والمختصر.
(٦) كذا بالأصل وت والجليس الصالح ، وفي المختصر : حزّ الغلاصم.
(٧) كذا بالأصل وت والمختصر : «أمر عيب» وفي الجليس الصالح : أمن غيب.