يوسف ، قالا : حدّثنا محمّد بن جعفر ، حدّثنا إسماعيل بن يزيد ، حدّثنا إبراهيم بن الأشعث قال :
ما رأيت أحدا كان الله في صدره أعظم من الفضيل بن عياض ، كان إذا ذكر الله أو ذكر عنده أو سمع القرآن ظهر به من الخوف والحزن ، وفاضت عيناه ، وبكى حتى يرحمه من بحضرته ، وكان دائم الحزن ، شديد الفكرة ، ما رأيت رجلا يريد الله بعلمه وعمله (١) وأخذه وعطائه (٢) ، ومنعه وبذله ، وبغضه وحبّه ، وخصاله كلها غيره ـ يعني ـ الفضيل.
قال (٣) : وحدّثنا أبي ومحمّد بن جعفر بن يوسف ، قالا : حدّثنا محمّد بن جعفر ، حدّثنا إسماعيل بن يزيد ، حدّثنا إبراهيم بن الأشعث قال :
كنا إذا خرجنا مع الفضيل في جنازة لا يزال يعظ ويذكّر ويبكي لكأنه مودّع أصحابه ، ذاهب إلى الآخرة حتى يبلغ المقابر ، فيجلس ، فلكأنه بين الموتى جلس من الحزن والبكاء حتى يقوم ، ولكأنه رجع من الآخرة بخبر عنها.
قال (٤) : وحدّثنا عبد الله بن محمّد بن جعفر ، حدّثنا أحمد بن الحسين ، حدّثنا أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا الفيض بن إسحاق قال :
سمعت فضيلا يقول : والله لأن أكون هذا التراب أو هذا الحائط أحبّ إليّ من أكون في سلخ أفضل أهل الأرض اليوم ، وما يسرني أنّي أعرف الأمر حقّ معرفته إذا لطاش عقلي ، ولو أن أهل السماء وأهل الأرض طلبوا أن يكونوا ترابا فشفعوا كانوا قد أعطوا عظيما ، ولو أنّ جميع أهل الأرض من جن وإنس والطير الذي في الهواء ، والوحش الذي في البر ، والحيتان التي في البحر ، علموا الذي يصيرون إليه ثم حزنوا لذلك وبكوا كان موضع ذلك ، فأنت تخاف الموت أو تعرف الموت ، لو أخبرتني أنك تخاف الموت ما قبلت منك ، لو خفت الموت ما نفعك طعام ولا شراب ولا شيء من الدنيا.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنبأنا أبو الحسن رشأ بن نظيف ، أنبأنا الحسن بن إسماعيل ، أنبأنا أحمد بن مروان ، حدّثنا عامر بن محمّد قال : سمعت سهل بن راهوية يقول :
__________________
(١) كلمة : «وعمله» ليست في حلية الأولياء.
(٢) في الحلية : وإعطائه.
(٣) القائل أبو نعيم الحافظ ، والخبر في حلية الأولياء ٨ / ٨٤ وتهذيب الكمال ١٥ / ١١٠ وسير أعلام النبلاء ٨ / ٤٢٦.
(٤) حلية الأولياء ٨ / ٨٥.