نظر الفضيل إلى رجل يشكو ـ زاد الجوهري : إلى رجل ـ ما هو فيه من الضيق والضّرّ ـ وقال الجوهري : والفقر ـ فأقبل عليه وقال : يا هذا ـ وفي حديث عبيد الله : فقال له : يا هذا ـ أتشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك؟
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، أنبأنا الحسن بن محمّد بن إسحاق ، حدّثنا أبو عثمان الخيّاط قال : سمعت السّري يقول :
سمعت فضيلا يقول عن ابنة له توجّعف كفّها فعادها فقال لها : يا بنية كيف كفّك هذه؟ فقالت له : يا أبت قد بسط لي من ثوابها ما لا أؤدي شكره عليه أبدا ، فتعجّب من حسن يقينها ، قال الفضيل : فأنا عندها قاعد إذ أتاني ابن لي له ثلاث سنين ، فقبّلته وضممته إلى صدري ، فقالت لي : يا أبة سألتك بالله أتحبّه؟ فقلت : أي والله يا بنية إنّي لأحبه ، فقالت : يا سوأتاه لك من الله يا أبة ، إنّي ظننت أنّك لا تحب مع الله غير الله ، فقلت لها : أي بنية أفلا (١) تحبون الأولاد؟ فقالت : المحبة للخالق والرحمة للأولاد ، قال : فلطم الفضيل رأس نفسه وقال : يا ربّ هذه ابنتي هيّمتني في حبها وحبّ أخيها ، وعزتك لا أحببت معك أحدا حتى ألقاك.
أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا أبو عبد الرّحمن السلمي ، أنبأنا أبو جعفر الرازي ، حدّثنا عباس بن حمزة ، حدّثنا أحمد بن أبي الحواري قال : سمعت أبا عبد الله الساحي (٢) يقول :
سأل رجل فضيل بن عياض : متى يبلغ الرجل غاية حب الله؟ قال : إذا كان عطاؤه إياك ومنعه سواء (٣).
قال : وأنبأنا أبو عبد الرّحمن السلمي قال : سمعت علي بن بندار يقول : سمعت عبد الله بن محمود يقول : سمعت محمّد بن عبدويه يقول (٤) :
سمعت الفضيل يقول : ترك العمل من أجل الناس رياء ، والعمل من أجل الناس شرك ، والإخلاص أن يعافيك الله عنهما.
__________________
(١) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن المختصر.
(٢) كذا رسمها بالأصل.
(٣) الخبر في حلية الأولياء ٨ / ١١٣ ببعض اختلاف ، من طريق أبي عبد الله الساجي. وذكر المزي في تهذيب الكمال في الرواة عن فضيل : أبا عبد الله الناجي.
(٤) من طريقه رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٨ / ٤٢٧ والمزي في تهذيب الكمال ١٥ / ١١١.