وخمسمئة ، وكان معظم من مات في هذا اليوم في هذا اليوم في خارج أسوار المدينة. ثم ازداد عدد الموتى إلى ألف وثمانمئة. وقد أخذ الهلع والخوف من الأحياء الباقين مأخذه بحيث كان يندر إقناعهم بالبقاء لدفن موتاهم. واتخذ الكثيرون الاستعدادات اللازمة للمصير الذي كانوا ينتظرونه بتهيئة الأكفان لهم ولأسرهم ، قبل أن يؤدي الطلب المتزايد عليها إلى استهلاك المتيسر منها كله. وأصبح الماء شحيحا أيضا ، لأن كل سقاء كنت تطالبه بالوقوف كان يرد عليك بأنه كان يأخذ حمله من الماء لغسل جثة أحد الموتى. وقد روت بنت أرمنية للمستر غروفز خبرا قالت فيه إنها كانت قد عدت خمسين جثة وهي تنقل للدفن في فسحة لا تزيد مساحتها على ستمئة ياردة. ولم يكن السكان قادرين على بذل أي نوع من الجهد ، لأن الحيرة على ما يبدو قد شلّت أيديهم وأذهلتهم فأفقدتهم رشدهم. فجلسوا في بيوتهم ينتظرون الموت الذي كان آتيا لا محالة ، وكأنهم قد صعقوا مما كان يمر أمامهم ، ونادرا ما كان يتخايل أحد في الشوارع في هذا الوقت عدا حملة الموتى والأشخاص الذين كانوا يأخذون الأكفان لهم ، وعدا السقائين الذين كانوا يأخذون الماء لغسل الجثث.
وبقي عدد الوفيات ثابتا لا يتغير ما بين السادس عشر والحادي والعشرين من نيسان ، على قدر ما يمكن التأكد منه ، وظل محافظا على مستواه المقارب لألفي وفاة في اليوم والواحد. لكن حوادث كثيرة تنفرد بنوع النكبة التي تؤدي إليها كانت تحدث هنا وهناك. فإن أسرة ينتمي إليها أحد طلاب المستر غروفز الصغار قد أصيب أربعة أشخاص من مجموع الستة الذين كانت تتألف منهم ـ إذ أصيب الوالد والأم مع أحد الأولاد وإحدى البنات ، ولم يبق منهم سوى بنت وابن فقط. أما كتائب الباشا المعروفة التي كانت تتألف واحدتها من سبعمئة رجل ، فإن بعضها قد بلغ عدد الذين أتى عليهم الطاعون حد الخمسمئة. وكانت أخبار المناطق المجاورة للمدينة على أسوأ مما كانت عليه في داخلها. كما كانت المياه الطاغية في النهر يعلو مستواها علوا سريعا كذلك ، حتى أصبح خطر الغرق العام وشيكا كل يوم.
ففي اليوم الحادي والعشرين من الشهر انبثق الماء من سراديب