الزوارق من دون أن يتعرّضوا إلى أي تدخل من الخارج. وحينما تم كل شيء على الوجه المطلوب دعا الكولونيل تايلور المستر غروفز ، المبشر المعروف ، إلى أن يصطحبه وأسرته إلى البصرة حيث يمكن بالالتجاء إلى بيت في الريف تحاشي العدوى.
على أن المستر غروفز (١) رفض استغلال الفرصة المتاحة له عن تقصد بالغ ، ولم ينزل عند رغبة الكولونيل تايلور في ذلك. وكان الرجل الجليل هذا قد تعهد بالعناية بعدد معين من الأحداث ، وهم أطفال بعض الأسر المسيحية في بغداد ، فمنعته دوافع القيام بالواجب من اتخاذ خطوة كانت تعد في نظره تخليا عن الواجب. فقرر البقاء في مكانه ، وبعد أن وضع ثقته بالعليّ القدير الذي أنزل البلوى وهو قادر على إنقاذه أو القضاء عليه ، أغلق داره التي كانت تحتوي على اثني عشر شخصا ، من بينهم معلم أرمني وأسرته ، وظل ينتظر النتيجة. ويمكن الحصول على أحسن أخبار هذه الفترة المرعبة من يوميات هذا الرجل الكريم. وعلى هذا فإنني سأعمد إلى أن أقتبس منها ما يختص بالطاعون والغرق من الأخبار خلال ما يأتي من سرد القصة الموجزة عن الحالة في بغداد.
فقد غادر الكولونيل تايلور بغداد في الثاني عشر من نيسان. وفي اليوم السابق لذلك علم بأن عدد الموتى قد بلغ حد ألف ومئتين ، وفي يوم السفر بالذات تأكد لدى العارفين بأن ألفا وأربعين حادثة موت قد حصلت في الجانب الشرقي من المدينة وحده. وفي اليوم التالي لذلك علم المستر غروفز بكل ألم ومرارة بأن المرض قد تسرّب إلى الدار المجاورة لداره ، التي كان قد تجمع فيها ثلاثون شخصا ، وكأنهم قد فعلوا ذلك لغرض تزويده بالضحايا المهيأة لا غير. وفي ذلك اليوم بالذات كانت الوفيات تتراوح بين الألف والألف
__________________
(١) Rev.A.N.Groves ، مبشر انكليزي أقام في بغداد عدة سنين وفتح مدرسة فيها لأيتام النصارى من أرمن وغيرهم ، وله كتيب يصف فيه أيام الطاعون الكبير هذا في بغداد الذي وقع في ١٨٣١ م. والكتاب اسمه :
Journal of a Residence in Baghdad) London ٢٣٨١ (