بحاجة إلى أن أضيف على ذلك فأقول إن الإنكليز ، والإفرنج بوجه عام ، يعفون من هذه القيود ويستطيعون الركوب بحرية كما يشتهون.
والخصيصة الأخرى التي يتميز بها الجمهور الذي يغشى الأسواق عادة الأشباح ، المتشحة باللون الأزرق (١) الغامق والمقنعة بالأقنعة السوداء ، التي تمر محتذية أحذية (٢) صفراء صغيرة خاصة ، فيقال لك إنهن نساء. وهن يعلم الله ، حين يظهرن متنكرات بهذا الشكل ، أشبه بأي شيء آخر عدا الجنس اللطيف من المخلوقات. فإن لفافاتهن الزرقاء الغامقة ، أو القماش الأزرق والأبيض الذي يلفهن من الرأس إلى القدم يخفي الشكل واللباس إخفاء فعالا ، بينما يقوم البرقع الأسود (الپيچة) المصنوع من شعر الخيل المنسوج نسجا خفيفا يحجب الوجه عن أعين المارة حجبا تاما ، ولكن المرأة المحجبة به تستطيع في الوقت نفسه أن ترى جميع ما يمر أمامها على الوجه الأكمل. وقد ضحكت مرة حينما رفع أحد هذه البراقع الداكنة بالصدفة وبان من ورائه وجه أشد سوادا من القناع نفسه. لكنه قد يحدث في بعض الأحيان كذلك أن يتوارى وراء الحجاب الضنين وجه جميل من أوجه الفتيات الگرجيات (٣) ، وقد شعرت ذات يوم بدافع قوي يدفعني إلى مديد دنسة أحول بها لحظة من الزمن دون انكساف منظر من أجمل المناظر ، من النادر أن يوجد في هذه الجهات ـ منظر جمال أنثوي أخاذ ـ والحقيقة أن أحدا لم يستطع في يوم من الأيام أن يخترع أقبح وأوحش من الأكفان الفظيعة التي اخترعها الحسد الشرقي ليلتف بها النساء فيشوهن بها أنفسهن عند ما يظهرن في الخارج ، بغية إفزاع العيون المتلصصة والحيلولة دون روحية الخلاعة والفساد. فبها يظهر الشباب
__________________
(١) الظاهر أن عباءة النساء ، أو الإزار الذي كانت النساء تتبرقع به في تلك الأيام كان لونه أزرق بدلا من اللون الأسود الذي يشيع في الوقت الحاضر ويعم.
(٢) كان يسمى هذا النوع من الأحذية الجدوك.
(٣) لا شك أن كلمة كرجية تعني امرأة من الكرج الذين كان يؤتى بهم من كرجستان (جورجيا) في قفقاسية ، ولا تزال توصف المرأة الجميلة في العراق بكلمة كرجية باللغة الدارجة كما لا يخفى.