السيوف والخناجر والحربات الباردة أو المسخنة فوق النار وبعربدة وحركات تشبه عربدة السكارى وحركاتهم يضربون أنفسهم بالأسلحة ، أو يضعون الحدائد المشتعلة فوق وجوههم ، وهم يقدمون التضرعات والابتهالات لولي من الأولياء أو شهيد من الشهداء ، أو يصرخون بكلمة هو! وأخيرا يسقطون على الأرض ومنهم من هو جريح مضرج بالدماء ، أو سالم من الأذى لكنه يتمرغ على الأرض كالمأخوذ ، أو هامد الجثة لا حراك فيه. والمعروف أن الذي يجرح في معركة المكر والخداع هذه مع الحماسة والتورع يكون قد أدى حسابا عن ذنوب قديمة لم يكفر عنها من قبل ، بينما يخرج الظاهر منها سالما من دون أذى تحميه بركات الشيخ وأنفاسه. وقد تنشأ حوادث خطيرة عن مثل هذه الاستعراضات المؤلمة ، التي تعاد برغبة أي سيد مغرض من السادة في أي وقت يختاره لتجربة أتباعه والوقوف على مقدار إخلاصهم وورعهم ، أو لنشر نفوذه وسلطته الروحية.
ويندر الاستجداء بين هذه الطبقة من الدراويش ، ولكنهم جميعا حينما يتنزلون لالتماس الصدقة والإحسان يرددون كلمة «حق» أو «هو» بنغمة عميقة وصوت جهوري طنان ، وقليل من الناس من يرفض مثل هذا الطلب المتصف بالقدسية لأن المفروض أن مثل هذا الرفض لا بد أن تعقبه إصابة أحد أفراد الأسرة بمصيبة أو نكبة. وهم وحدهم يستطيعون الدخول إلى أي ديوان أو بيت من دون أن يحاذروا من شيء وبصرف النظر عن أي عائق ، ولهذا السبب يكون هؤلاء قادرين على أخذ ما يريدون وعلى استحصال المعلومات التي تبدو من قبيل المعجزة في بعض الأحيان. وقد شذ بعض المنتمين لهذه الطبقة شذوذا كليّا بدافع من خيالهم البعيد ، وانتحالهم المتكرر للقيام بالأعمال الخارقة ، بحيث صاروا ينتحلون الألوهية نفسها ويرددون على الدوام «أنا الحق». لكن هذه القحة ، على استعصاء أمرها ، كانت السلطات الزمنية في الإسلام تعاقب عليها بالموت على الدوام. والملاحظ أن هذه النقاط تشمل أنواعا عدة من دراويش التكايا ـ أي الدراويش الراقصون والدوامون الذين يطلق عليهم أحيانا «الدراويش المولولون» في استانبول حيث يوجد منهم عدد غير يسير كذلك ،