صخب العبدين المتنازعين بولولة المتسوّل ، لكن الأنثى سرعان ما تتغلب فتنهال على الشحاذ القوي صدقات أهل البيت.
وقد يكون الثالث شخصا نحيلا غامضا ، ذا أطراف مرتخية قليلة العضلات ـ أي عبارة عن هيكل كامل يدل على مقدار تقرب الأحياء من الموتى. وبهذه الدرجة من الهزال ربما يكون عديم الأسنان والشعر ، كليل العينين ، يكتسي مجموعة من الأسمال البالية ، ولا يحمل عكازا تتوكأ عليه أطرافه المرتجفة فيسحب هيكله نصف الحي من باب إلى أخرى. وحينما يتمدد على الأرض يعرض مناظر من جسمه تستدر الرحمة والعطف عليه. وبعد أن يرق له الناس فيتصدقون عليه يحمل في زنبيل ويبعث إلى مخبئه ليعود في اليوم الثاني إلى وضعه السابق ، فيستدر عطف الناس من جديد.
ويتألف الصنف الثالث ، أي صنف القلندرية ، بوجه عام من خيار الدراويش وأنشطهم ، وأصغرهم سنا. وهؤلاء هم المشتغلون بالكيمياء القديمة والمنجمون والعرافون والمنشقون في عالم الصعاليك. ويكون توفيق هؤلاء وجدهم في تبدل مستمر ، لكن حضور ذهنهم يكون مساويا على الدوام للحالات المفاجئة التي يجدون أنفسهم قد تورطت فيها. وهم بوجه عام صوفيون في ديانتهم ، أصحاب مرونة في سلوكهم وتصرفهم ، سريعو الإدراك ، حاضرو البديهة ، شديد والعزم ، أقوياء البنية. وقد تعودوا أن يلقوا على أكتافهم بجلود الأسود أو الفهود أو الوعول غير المدبوغة. ويسمحون لخصل شعرهم بأن تنمو حسب الإرادة ، أو يضفرونها بأشكال مختلفة غريبة. وقلما يوجدون وهم من دون سلاح ، وإذ يكونون معتمدين دائما على استعداد المسلمين المتعصبين للاعتقاد بالأشياء الخارقة ، فهم دوما مزودون تزويدا حسنا بالوسائل التي يستخدمونها في صنع بعض الظاهرات الكيميائية التي تلفت النظر ، وبمعاجين العشق وأشربة المحبة والرقى والتعاويذ ومختلف وسائل فتح البخت وعلم الغيب لتساعد انتحالهم للمهارة في شؤون الكهانة والعرافة.
ويقدم لنا تأريخ السيد مأمون المصطفى ، وهو رجل شاب ولد في واد من أودية آشور ، نموذجا حسنا لروحية هذه الطبقة من الدراويش. فهو حينما