مكافآت سخية من أناس آخرين للاشتراك في مثل هذا النوع من القدرة والسيطرة. ولكن ذلك لم يكن من شأن هذا الولي المكار ، فقد كان يصرح أن قدرته هذه ليست من النوع الذي يمكن البوح بأسرارها ولا يمكن أن ينالها كل أحد إلا الذين تشملهم العناية الإلهية بعطفها وتوفيقها. على أن مثل هذا الاعتذار والتملص لم يكن مقنعا للجميع ، ولذلك صار بعض الناس بدافع من حسدهم وخيبة أملهم يراقبون أعماله عن كثب ويتسقطون حركاته وسكناته. ومن سوء حظه أن يجعله نجاحه المطرد على جانب أكبر من الجرأة والتجاسر ، فأدى به ذلك إلى أن يمارس خدعه وأحابيله بأقل ما يمكن من الحذر. وسرعان ما ازداد الشك وكثرت الريبة ، وانكشفت ظروف كانت نتيجتها شؤما على نفسه وشخصيته. وأدى به تعطشه إلى الربح والمحصول إلى أن يقترف أعمالا تنطوي على النصب والاحتيال لابتزاز الأموال بمقياس واسع ، يساعده في ذلك المجال المتسع الذي هيأته له الثقة المتناهية التي كان يضعها فيه مريدوه والمخدوعون به. لكن سحره قد بطل وقل تأثيره ، وانكشفت أعماله في النهاية ، فأعقب ذلك بسرعة فائقة الخزي والعار والعقوبة والدمار.
وهنا أكتفي بهذا المقدار مما كتبه صديقي في مذكراته وأعود إلى ملاحظاتي. فقد أشرت في السابق إلى الزيارة التي قمت بها مع بعض الأصدقاء في المقيمية إلى مرقد يغشاه الدراويش الذين يدعون بالمناعة الخاصة ضد الأذى من أي نوع كان.
فبعد أن اجتمع عدد من الدراويش ، وعدد لا بأس به من الحضار والمشاهدين جلس الدراويش بشكل دائري وظلوا هادئين ردحا من الزمن كأنهم يغطون في تأمل عميق. وإذ ذاك قام أحدهم فتعرّى من ملابسه إلى حد المحزم ، ثم ذهب إلى ما يقرب من القبر حيث كانت تحفظ السيوف والخناجر والحراب ، وأخذ خنجرين منها فراح يعرض نفسه ذهابا وإيابا في داخل الفسحة الصغيرة المحاطة بإخوانه وجمهور المتفرجين. وقد كانت حركاته بادىء ذي بدء حركات بطيئة تكاد تدل على أنه كان منغمسا في التأمل ، لكنه أخذ يسرع الخطى والحركات بعد قليل من الوقت ويلوّح بأسلحته حتى