استحالت بالتدريج إلى قفزات ونطات ، وظل الخنجران يلوح بهما بسرعة فائقة تكاد تضلل النظر. على أن المتفرج كان بوسعه حينما ينظر إليهما أن يلاحظ بأنهما كانا في كل حركة من الحركات يرفعان وينزلان في جسمه هو كما لو كان يقصد بها أن تجرح رأسه وكتفيه وبطنه. لكن الخنجرين كانا معقوفين بحيث إن رأسيهما لم يكونا يضربان الجسم مباشرة ، وكان هو يحرك الخنجرين بخفة ومهارة بحيث يضرب جوانبه بهما من دون أن ينزلهما على المكان الذي يوجهان إليه مباشرة. يضاف إلى ذلك أن الخنجرين لم يفحصهما أحد ، وهما لا بد أن يكونا غير حادين على الوجه المطلوب اعتياديا. على أن الجسم مع جميع هذه الاحتياطات لا بد أن يصاب ببعض الجروح عرضا أو بالتقصد ، وحينما أمعنت النظر وجدت أحد هؤلاء الدراويش ينزف دما من ظاهر بطنه.
ثم أخذ سيفا ، أو سيفين بعد ذلك فأعاد نفس الحركات الجنونية وهو يتصنع ضرب نفسه بهما في مختلف الأماكن من جسمه. وعمد علاوة على ذلك إلى وضع حد السيف على بطنه ثم سمح لدرويش آخر أن يتقدم من خلفه فيمسك السيف من القبضة والرأس بكلتا يديه اللتين كانتا تلتفان حول محزمه ، وبعد أن ضغط على السيف وهو بهذه الوضعية وشد عليه بقوة رفعه قليلا إلى أعلى وأخذ يدور به مرات عديدة بحيث كانت قوته المركزية كلها تضغط ببطنه على مشفر السيف نفسه. ويزعم كذلك أن الدرويش في بعض الأحيان يستلقي على الأرض فيوضع حد السيف على بطنه وهو في تلك الحالة ، ثم يأتي أحد إخوانه فيدوس على ظهر السيف بكل قوته ، ومع ذلك لا يؤدي كل هذا إلى حصول أي جرح في جسمه. لكنني لم أر هذا بنفسي. ولم أرهم كذلك يغرزون حربات الحديد ، الساخنة أو الباردة ، في عيونهم وسائر المواضع الرقيقة في أجسامهم من دون أن يصابوا بأي نوع من الأذى على ما يظهر ، ولذلك لا يسعني أن أقول كيف يجري تدبير هذا العمل. كما أنني لم أر مطلقا معجزات المناعة ضد النار ، مثل مسك الحراب حينما تكون ساخنة إلى حد الاحمرار وحكها بوجوههم وأجسامهم. لكنني شاهدت ما يكفي ليحملني على الاعتقاد بأن القضية كلها لم تكن سوى مهزلة سليطة تعد لتؤثر في جمهور من المشاهدين حسن النية سهل الانخداع. وأن العار الذي يصيب من يظهر بمظهر