غير المعتقد لا بد أن يعمل على حماية هؤلاء الغشاشين المتطفلين على القدسية من أخطار الشك بهم والتدقيق الجريء الذي قد يتعرضون له.
وقد زرنا في فرصة أخرى مرقد ولي مشهور من أولياء السنة ، يسمى مرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني ، الذي شيد تخليدا له هنا ضريح وجامع من أفخم الأضرحة والجوامع الموجودة في هذه الجهات. ويتقاطر الزوار على تربته هذه من الهند وأفغانستان وبخارى وبلاد التركستان. ولم يكن حصولنا على الرخصة اللازمة لذلك يخلو من صعوبة ، أو استجواب على الأقل ، وخاصة حينما طلبنا مشاهدة داخلية هذا الصرح المقدس الذي يشرف عليه موظف ديني يسمى «النقيب» ، ويعتقد بأنه سليل مباشر من سلالة القديس الأصلي نفسه. لأن الوضع هنا كان على جانب أكبر من الأهمية قبل أن يحدث الغرق الكبير ويتبوأ علي باشا منصب الباشوية. فقد كانت هذه المحلة قبل وقوع الحوادث المشار إليها يسكنها جميع السفلة والمتشردين الموجودين في البلد. إذ كان الناس الذين يشعرون بخطر الوقوع حتى في قبضة العدالة المرتخية في بغداد ، يحتمون في ظل هذا الولي الكبير. ولذلك كان يمكن العثور هنا على جميع الصوص والمحتالين ، وجميع القتلة و «البلطچية». فكانت «ألزاشية (١)» بغداد هذه ، وسكانها المختلطون ، يمارس فيها صديقنا النقيب بوجه عام شيئا لا بأس به من النفوذ والسيطرة ، كما كان السكان يكافئونه على حمايته لهم بمقدار بسيط من الطاعة ، وبحماية تخوم ممتلكاته ضد الفضوليين والمتطفلين. وكان قليل من الباشوات في الحقيقة من يجرأ على التدخل في ترتيبات عش الزعانف والأوباش هذا وحاميهم الديني ، أو يقدم على سوق الضباط أو الجنود ضدهم. وحتى داود باشا نفسه لم يستطع فرض إرادته على المحلة مع أنه برهن في مرات عديدة على كونه رجلا لا يستهان به فعزل النقيب وضربها بالمدافع أحيانا للقضاء على روحية الشغب المسيطرة فيها. كما لم يجد من المناسب أن يثير روحية التعصب الديني إلى حد بعيد باتخاذ إجراءات ذات طابع متطرف في الشدة. والخلاصة ، أنه لم
__________________
(١) Alsatia ، الظاهر انها منطقة كان يلجأ إليها الأشرار في لندن على ذلك العهد.