ويأمل أن يرد بصره إليه اتصل المير بالكولونيل تايلور (المقيم) ورجاه بأن يوفد له طبيبا إنكليزيا يجرّب فيه ما عنده من مهارة. فاغتنم الكولونيل تايلور هذه الفرصة لتنمية العلاقات مع هذا الرجل العجيب في الحال ، وكلّف الدكتور روص بهذه المهمة الطريفة. فتوجّه إلى بلاد المير في قافلة يرأسها عمّه بايزيد بك الذي كان قد أرسل إلى بغداد للاتصال بالمقيم البريطاني حول القضية.
على أنه من الضروري أن أخبركم أولا بأن المير ، علاوة على جميع فتوحات فيما بين النهرين والقسم الأسفل من بلاد آشور ، كان في ذلك الوقت قد امتدت يده إلى بلاد العمادية ، الخصبة الواسعة على كونها جبلية وعرة ، التي تقع في شمال غرب راوندوز وشمالي الموصل أيضا. وقد كانت هذه الدويلة ، أو الباشوية لأنها كانت في حكم أحد الباشوات ، موضع ثناء الجميع ومدحهم لخصبها وجمالها ولكثافة السكان فيها. فقد أجمع عدة رجال محترمين في تصريحهم لي على أنها تحتوي على اثني عشر ألف قرية ، غير صغيرة ، تتألف كل منها من عدد من الأسر (أو البيوت) يتراوح بين المئتين والثلاثمائة. وهذا قول لا بد أن يكون بعيدا كل البعد عن الواقع ، لأننا إذا اعتبرنا أن القرية الواحدة تحتوي على مئة وخمسين بيتا فقط ، وإذا افترضنا أن كل بيت يضم خمسة أنفس لا غير نجد أن المجموع يبلغ تسعة ملايين نسمة ، وهو عدد يتجاوز عدد الموجود من السكان في إيران كلها. ولذلك لا بد أن يؤخذ الرقم هذا ليدل على أن العمادية كثيرة السكان لا غير.
وقد كان يحكمها باشا ينتمي إلى أسرة كردية معروفة ، بتنصيب من الباب العالي. لكن سوء حكمه ، والحسد الذي قوبل به من الآخرين ، والنزعات المحلية ، قد أدّت كلها إلى إسقاطه عنه. فأصبحت البلاد منقسمة إلى عدة رئاسات محلية صغيرة لا تلتفت بشيء إلى الباشا الحاكم الذي كان رجلا ضعيفا أحمق ، أضاع سلطته وسطوته على الناس وحبس نفسه في قصره المنيع الموجود في العمادية ، بينما كان المير يكتسح البلاد ويقضي على هذه الرئاسات الشخصية واحدة بعد أخرى. وباستغلال الضغائن العائلية والخيانة دفع المير الرشوات المناسبة ودخل تلك القلعة المهمة ، ومن هناك أخذ يوجه