وفي الساعة الثانية بعد الظهر ، وبينما كانت هذه المعركة قائمة على قدم وساق ، وصوت المدافع يدوي في الجو بانتظام بالقرب من باب الحلة في الجانب الغربي ، ومن مدفعين كانا منصوبين في الجانب الشرقي لإطلاق النار على الطرف المقابل من الجسر والمقاهي الملأى بالأعراب ، إذ حضر إلى المقيمية ضابط مرسل من الپاشا ليطلب من المقيم أن يعيره يخته الكبير المصنوع في إنكلترة ، لنقل قوة نظامية منجدة ومقدارا من الذخيرة لرجاله الذين كانوا مشتبكين في حرب مع الأعراب في الجانب الآخر. فلم يكن هذا مطلبا مستحسنا على الإطلاق لأنه إذا ما تمت تلبيته فإنه قد يعتبر تدخلا في نزاعات البلد الداخلية. غير أنه لما كانت عقيل في حالة ثورة علنية ضد الپاشا فقد استبان من الأصوب ، بصفتنا أصدقاء ، أن نساعد السلطات الشرعية على قدر الإمكان. وبذلك أعد الزورق ليكون جاهزا للعمل.
والأتراك مخلوقات بطيئة. فقد استغرقوا وقتا طويلا في إدخال رجالهم إلى الزورق ، وحينما تم ذلك وجد أنه مرتطم بالأرض ولا يمكن تحريكه ، غير أنه لما كان مرسى الزورق يقع تحت شبابيك المقيمية مباشرة ، ولما كان الأعراب قد لاحظوا تجمع الجند هناك من الجانب المقابل ، فقد أمطروا الساحل والبنايات المطلة عليه بوابل شديد من نارهم وظلوا يطلقون النار من الجانب المقابل على الزورق وكل شيء من حوله. ولا ينكر أن عرض النهر هنا كان يبلغ مائتين وخمسين ياردة على الأقل ، غير أن القذائف كانت تأتي بخفة عبر الماء ، وتقفز أحيانا ، وتصيب المقيمية أحيانا أخرى. والحقيقة أن واحدة منها قد أصابت جدارا كان يبعد عدة بوصات فقط عن رأس الكولونيل تايلور حينما كان يقف وراء الحاجز ليشاهد المعركة بمنظاره. وكذلك قتل عدة جنود أو جرحوا في الزورق. ولهذا فرحنا جدّا حينما تسنى لنا أن نحتمي وراء الأجزاء البارزة من جدار السطح. وقد كنا على كل حال غير معرضين كثيرا للخطر ، لأننا كان بوسعنا ملاحظة وميض القذيفة قبل أن ننسحب لنتقي خطرها.
وقد استمر هذا النوع من التسلية أكثر من ساعتين ، إذ أمكن في الأخير