ليمنعهم من نقل غنائمهم إلى الجانب الآخر. لكنه كان يحاول المستحيل بذلك ـ إنهم يضحكون عليه ، فهو لا حول له ولا قوة.
الساعة الثانية بعد الظهر
سمعنا أن العقيل قد فروا بالتأكيد ـ إذ تركوا البلدة مع أسرهم وممتلكاتهم ، ويقال علاوة على ذلك إنهم قصدوا عنزة في خروجهم هذا. لكن شيخهم تخلف عنهم والتجأ للاحتماء بباب حرم الپاشا ، وهو ملجأ حصين لا تنتهك حرمته ، فسمح له بالإقامة في بغداد كرجل عادي بشرط أن يحافظ على الهدوء والسكينة. وقد كنا نرى خلال فترة الصباح والنهار كله أن الناس كانوا يمرون حاملين أسلابهم ـ فكان أحدهم يسحب خروفا وراءه ، وآخر يحمل شدة من الدجاج المشدود إلى بعضه بالأرجل ، وثالث يحمل كثيرا من القدور والأواني والفراش أو السجاد ، وكان الرابع قد وجد طريقه إلى مخادع النساء في البيوت المنهوبة وجاء يمسك بيده حزمة من لوازم النساء وملابسهن. وجاء أحد جنود النظام بفرس للبيع وهو يقول إنه غنمها في المعركة ، فتعجب لا متناعنا عن شراء مثل هذه الصفقة. وكان الآخر يسوق أمامه حمارين أو ثلاثة محملة بأكياس كبيرة تحتوي على خليط من كل شيء. ولا يزال النهر مكتظّا بالقفف.
والظاهر أن الپاشا قد جعل مقره في المقهى الكائن في الطرف الآخر من الجسر ، الذي كان الأعراب يطلقون النار منه في أثناء المعركة ، لغرض إيقاف السلب والنهب عند حدهما على الأقل على ما قيل لنا في الصباح. لكن هذا يعد خطأ منه على ما يقال ، لأنه المزعوم الآن أنه كان يشجع الجنود على التمادي في تجاوزاتهم بتصرفاته هذه وقوله مثلا للسكان المنهوبة بيوتهم على سبيل التقريع وهو يهز كتفيه «هل ترون ماذا فعلتم بأنفسكم؟ إنها غلطتكم وليست غلطتي».
وما زالت أخبار الخسائر مشوشة بحيث لا يمكن الاعتماد عليها. لكن المعركة لا بد أن تكون قد أخذت مأخذها من «النظام» والألبانيين ، لأن أحد