والرجال وغير ذلك ، كانت كلها مكدسة في كل زاوية ومكان ومجموعة بأكوام في أماكن استراحة الرجال بينما كانت قطع الأشياء المكسورة تغطي الأرض. وكذلك كان عدد كبير من الحيوانات المسروقة يتمرغ في أكداس التبن المنهوب ، الذي كانت تصف إلى جانبه أكياس كبيرة من الحبوب. فلم تطعم تلك الحيوانات بمثل ما أخذت تطعم به الآن. وقد كان أحد الهايتة يسوق عددا من حمير الحمل الحردة ، التي كانت على ما يبدو غير مرتاحة مطلقا لتبدل الأصحاب. وكان آخر قد استحوذ على بغلين كبيرين ، وكان عدد آخر غيرهما يسحبون خيولا يركض وراءها أصحابها المساكين وهم يستعطفون سراقها بإعادتها إليهم ولكن من دون جدوى ، غير أنهم كانوا محظوظين لأن الرد على توسلاتهم لم يكن مصحوبا بضربهم باليطقان.
ولم نلاحظ في هذا المعسكر شيئا يدل على الضبط أو النظام العسكري إلا في النادر. فقد كان كل فرد منصرفا إلى شؤونه الخاصة ، وكان الضباط على ما يبدو لا يمارسون أدنى سلطة على جنودهم. فالحقيقة أن نصفهم كانوا لا يزالون خارج المعسكر يفتشون عن المزيد من النهب ، أو يقومون ببيع ما كانوا قد حصلوا عليه من قبل. وقد كان بوسع أي جماعة قوية فعالة من الأعراب أن تفاجىء هذا المعسكر فتقضي عليه كله ، إذ لم يكن هناك ولا حارس واحد لا هنا ولا في باب المدينة نفسها. وحتى في معسكر قوات «النظام» الذي كان يجري تشييده ، كان هناك شيء مماثل من عدم وجود أي نوع من الحراسة والتيقظ.
وفي خيمة قائد الهايتة تناولنا القهوة ودخنت الشطوب. وقد كان على ما يروي هو نفسه بطل المعركة كلها ، لكن الحقيقة أن كل من تحدثنا إليه كان هو البطل الضرغام أيضا. والظاهر أن صديقنا هذا لم يستسغ الثناء الذي أثنينا به على قوات «النظام» ، ولم يكن يعترف حتى بالبسالة التي أبداها أصدقاؤه هو في الهجوم على طول الجسر. فقد أكد لنا أن رجال «الدستة» التابعة له هم الذين اضطلعوا بالعمل جميعه ، ولذلك أضاع منهم ستة عشر أو ثمانية عشر رجلا خلال المعركة. على أنه اعترف ، كما اعترف كل فرد آخر ، بأن الأحوال كانت