ستسوء جدّا لولا النجدة من الرجال والذخيرة التي عبّرها زورق المقيمية إلى الجانب الثاني ووصولها في الوقت المناسب. وقال لنا إن ما يقرب من مئتي شخص قد قتلوا وجرحوا من الطرفين ، ولما كان هذا الرقم مع الروايات التي سمعناها من مختلف المصادر فإنه قد يكون قريبا من الحقيقة والواقع.
١١ كانون الأول
لقد تأيدت هذا اليوم الأخبار التي تناهت إلينا من قبل حول انقسام عنزة على نفسها وفي جناح الجزيرة. ويقال بصورة جازمة إنهم قد رحلوا من هنا ، وبعد أيام قلائل يؤمل أن تفتح الطرق المحيطة بالعاصمة وتخلو من قطاع الطرق والسلابين. وقد رتب الپاشا أموره مع قبيلة عقيل بتنصيب سليمان غنام ، الرجل المغامر الذي أشير إلى تنصيبه في المشيخة من قبل ، لقيادة القوافل وحراستها. بينما منح شيخ عقيل الأصلي الرخصة اللازمة بالإقامة هنا بشرط أن يوافق على المعيشة كشخص اعتيادي لا غير. وهذا ترتيب يتفق تمام الاتفاق مع التدابير التي يتخذها الپاشا عادة. لأن سليمان غنام هذا لما كان سليلا غير شرعي لرجل من عرب شمر (١) وأم عبدة زنجية فليس هناك عربي حقيقي يود من كل قلبه أن يرضخ لطاعته أو ينضم إليه. أضف إلى ذلك أنه ، كما قلت من
__________________
(١) يقول المؤرخ سليمان فائق بك في (تاريخ بغداد إن عشيرة عقيل التي كانت تنزل في جانب الكرخ في هذه الفترة تنقسم إلى فريقين هما فريق القصيمات أو العقيل الأصليين ، والشمامرة وأصلهم من شمر الجربا. وقد اعتاد الولادة في تلك الأيام أن يعينوا لكل فريق من هذين الفريقين شيخا خاصّا. فكان ذلك من جملة الأسباب التي أدت إلى دوام الخلاف بينهما. وكثيرا ما كان سليمان غنام (الملقب بالعقيلي) يعين لرئاسة الشمامرة الذين كانوا ميالين إلى القتال والنزاع بصورة خاصة. ولذلك لعب دورا فعالا في حصار بغداد واقتحامها من قبل علي رضا باشا ، وإسقاط داود باشا على أثر ذلك. فقد كان وفريق الشمامرة مع علي باشا بينما انحاز القصيمات من العقيل إلى داود باشا وتطوعوا لإخراجه من بغداد وتهريبه إلى المنتفك في أثناء الحصار غير أنه أبى ذلك واستسلم للقدر.