رغيف الخبز.» ثم مضى يقول هو يأخذ قطعة من الخبز الأسود الذي وضع بين أيدينا على الصينية مع شيء من اللبن «انظر ماذا نأكل ، فنحن وخيولنا نقتات على الشيء نفسه. لقد كان بوسعنا من قبل أن نقدم لضيفنا رغيفا من خبز القمح ، لكن ذلك العهد قد انتهى وعلينا أن نقنع الآن بالرخيص».
واستطرد بعد ذلك يقول في نفس الموضوع الذي كنت أحاول إخراجه منه بأسئلة أوجهها له ، أو بعلامات الاقتناع والعطف «فقد كنا نحن الأكراد في زمن من الأزمان جنودا أقوياء ، ولم نكن نفكر بغير الركوب والتدرب على الحرب بالسيف والرمح ، وبالصيد والبزدرة ، وما أشبه من الألعاب. لأننا كان عندنا ما يكفي لمعيشتنا وكان فلاحونا يزرعون الأرض لنا ، لكن كل رجل منا مضطر اليوم لأن يضع السيف والرمح جانبا وينصرف إلى «الجفت» (أي الثورين لسحب المحراث). وما هو نفع الجندي يا سيدي حينما يأخذ بمباشرة المحراث؟ لكن الإيرانيين والپاشا يتمادون في مطاليبهم كلها ، فماذا تكون عاقبة ذلك ـ لا يبقى للفلاح سوى أن يلتجئ إلى الفرار والذهاب إلى راوندوز وكرمنشاه أو الموصل أو أي مكان آخر بدلا من أن يبقى حيث لا يستطيع تحمل إخوانه ـ ولهذا تخلو البلاد من سكانها كما ترى.»
وقد كان البك كثير السؤال على الأخص عن الإنكليز والروس مع أن جهله بالفريقين كان شديدا جدّا ، فتركه وهو ممتن من زيارتي له على ما آمل. لأنني بعد أن أشبعت رغبته بالبرهنة على قوة أسلحتي النارية ، وخاصة مسدساتي الصغيرة التي كان يحتقرها إلى أن شاهد مفعولها وتأثيرها ، قدمت له هدية من بعض المصنوعات الإنكليزية التي استأثرت بلبه إلى حد كبير ، ثم افترقنا ونحن أحسن الأصدقاء.
فقلت لدليلنا عول خضر أغا حينما ابتعدنا «إن هذا الرجل المدني ، هذا الأغا الذي استقبلنا بمثل هذا الاستقبال الحار ، ورحب بنا مثل هذا الترحيب ـ لو فرضنا أننا لم تكن معنا أنت ولا أي دليل آخر من السليمانية ، والتقينا به وبقافلته في البادية ، فإنه لا أظنه كان سيتورع عن مهاجمتنا وسلبنا لو كان بوسعه أن يفعل ذلك؟» فأجاب وهو يضحك بملء شدقيه «أقسم برأس سليمان پاشا ،