بيضاء أو سوداء اللون في بعض الأحيان. وهي اللباس القومي الخاص ـ أي العباءة العربية المعتادة. ولا يقل لباس الرأس انفرادا وتخصصا عن العباءة. فليس هو عمامة على ما يعتقد البعض ، ولا شيئا يشبهها. وإنما هو يتألف من كفية (١) حرير مربعة الشكل محبوكة الحياكة ، تخطط بخطوط متسعة صفراء وحمراء ، وتبرم لحمتها من الحاشية إلى خيوط متينة قصيرة. وتطوى هذه الكفية بشكل مثلث ثم توضع فوق الرأس فيتدلى طرفاها على الكتفين أو أمامهما ، بينما يتدلى الطرف الثالث إلى الوراء. وفيما حول قمة الرأس المغطى بهذه الطريقة تلف حزمة من وبر الإبل البني (٢) اللون ، المبروم برما جزئيا مرتين أو ثلاث مرات ، بحيث يبدو الرجال لأول وهلة وهم يرتدون العباءة الفضفاضة معه أشبه ما يكون بالنساء الساحرات من الرجال. وليس من الممكن من دون الاستعانة بالرسم أن أنقل إليكم ما يكوّن عندكم فكرة تامة عن التأثير الفريد الذي يحدثه لباس الرأس هذا ، حينما يساعده في التأثير زوجان من العيون السود النفاذة التي تحدّق من بين خصل شعرهم الأسود. لأن العرب ، مثل سائر المسلمين لا يحلقون الرأس ، وإنما يضفرون شعرهم الطويل الخشن الأسود بسواد الفحم (الذي يتدلّى على أكتافهم وظهورهم) ويخفونه تحت الغترة (٣). على أنه لباس رأس مفيد للبادية ، يخفف من تأثير الحرارة والبرودة وخاصة حينما يلبسون تحته طاقية مصنوعة من الوبر. لأنهم يتلثمون بطرفي الكفية في الطقس البارد ، ويتلفعون بها إلى ما فوق الوجه والعيون حينما يشتد تأثير الشمس وإزعاجها ، وبذلك ينتفع بها للحماية في كلتا
__________________
(١) يظهر من هذا ان «اليشماغ» الحالي الذي يلبس تحت العقال في الغالب لم يكن قد ظهر يومذاك.
(٢) من الغريب أن لا يذكر بين هذا الوصف لون العقال الأسود الشائع الآن ، ولعله لم يكن شائعا في تلك الأيام.
(٣) أعتقد أن صاحب الرحلة ربما يكون مخطئا في هذا التعميم المطلق الذي قد ينطبق على البعض من رجال القبائل في البادية وغيرها. ولا يخفى أنه يقصد بالعرب هنا أبناء العشائر.