التدوين الخاصة بكل جماعة وكل عصر إذ يمكنه أن يدونها بالتصوير ، أو أن يتداولها بالحكى.
والرحلة تختلف باختلاف الغرض منها ، فهناك رحلة العمل ، ورحلة البحث عن مصادر العيش لاستمرار الحياة ، وهناك رحلات الاكتشافات والسياحة ، وهناك رحلات الأدباء للتعليم أو للمشاركة الأدبية فى الندوات والمؤتمرات لمعرفة المجايلين لهم ، والتعرف على أهل المهنة وأصحاب التخصص ، وكلها ـ بلا شك ـ رحلات تحكى وتؤرخ ، ويتوقف الحكى ، والتاريخ على القدرات الصياغية وعلى الرغبة فى التسجيل والتوثيق ، بل على التوجه الموضوعى أو الذاتى فى كتابة الرحلة كلها.
ويختلط هذا اللون من القص بما نعده من المذكرات واليوميات ، وما نعهده من أدب السيرة الذاتية أو الترجمة الذاتية ، بصرف النظر عن نوع المعلومة أو الرحلة. أعنى أننا نهتم بصياغاتها الفنية كنوع أدبى يتميز بخصائص فنية لا بد أن نجدها متوفرة فيه لنطلق عليه المصطلح الخاص به.
ولدينا نماذج عربية ـ فى تراثنا ـ لهذا الفن من كتابة الرحلات ، كرحلات" ابن جبير"" وابن بطوطة" و" المسعودى" وغيرهم ...
ولم تكن رحلات" إبراهيم عبد القادر المازنى" بعيدة عن طريقة الحكى العربية ، بل هى قريبة مما تركه لنا الطهطاوى فى" تخليص الإبريز فى تلخيص باريز" أو ما تركه على مبارك فى" علم الدين". إن هذه الرحلة تصنع تواصلا مع فن كتابة الرحلة فى تراثنا وفى تاريخنا الحديث على السواء.