ولكن المازنى يتميز عن هذه المحاولات التراثية والحديثة ، بالتعامل الفنى مع الرحلة ، وصياغتها فى الشكل القصصى من البداية حتى النهاية ، مراعيا بروحه الفكهة ، وسخريته اللاذعة كونها حكاية. وهذا ما يستدعى دراسة خاصة لهذه الرحلة ، ولغيرها من رحلات المازنى فى الحجاز والعراق.
لذلك يقف فن الرحلة عند المازنى متمايزا عما سبقه وما عاصره. من كتابات السير الذاتية ، وتدوين المشاهدات بل عن القص الذى يتخذ من تاريخ الشخصية وملابساته مادة لعمل فنى.
فقد قام (إبراهيم عبد القادر المازنى) بثلاث رحلات ، كانت الأولى إلى السعودية ، وهى المسماة ب" رحلة الحجاز" وقد صدرت الطبعة الأولى منها سنة (١٩٣٠ م) بمطبعة فؤاد بعطفة عبد الحق السنباطى بميدان الأوبرا بالقاهرة. وكانت الرحلتان الثانية والثالثة مرتبطين ؛ حيث خرج المازنى إلى الشام ومنها تجاوز الحدود إلى فلسطين والعراق ، لذلك نستطيع أن نقول إن رحلتى الشام والعراق ـ وفلسطين ـ واحدة تكمل إحداهما الأخرى. ولم تطبع رحلتا الشام والعراق فى حياة" المازنى" وقد حصلت على مخطوتين للرحلتين من محمد إبراهيم عبد القادر المازنى ، تركهما المازنى مكتوبين على الآلة الكاتبة كما أشرنا من قبل.
ولما كانتا رحلة الشام هى الرحلة الثانية للمازنى بعد رحلة الحجاز ، فسنقدمها قبل رحلة العراق ، حتى نفرغ لها فى تحقيق تال فلدينا مخطوطة هذه الرحلة. وتتكون رحلة الشام من جزئين : الأول هو نص المازنى عن الرحلة إلى الشام حيث كان يحضر مهرجان المعرى ، فى العيد الألفى لأبى العلاء المعرى ، بدعوة من المجمع