هانوتوGabriel Hanotaux ، الذي يرى أنه لم تتم في عهد عباس أي إنجازات ضخمة أو عظيمة «باستثناء بناء القصور في المناطق المنعزلة» (١).
أما في الحجاز ، فقد كان شريف مكة عبد المطلب بن غالب في فترة شرافته الثانية التي امتدت من عام ١٨٥١ ـ ١٨٥٦ م / ١٢٦٧ ـ ١٢٧٣ ه ، وكان عبد المطلب يقضي الصيف في الطائف ، عندما نشب خلاف بينه وبين باشا جدة ، ونجد فيما يقوله ديدييه ، أصداء ذلك الخلاف بين الباشا والشريف. ويقول سنوك هورخرونيه عن سياسة عبد المطلب في هذه الفترة : «... وعندما تسلم عبد المطلب زمام الأمور في مكة ، أظهرت تصرفاته ، أنه لا يحسن تقدير أولئك الأشخاص الذين كان يتملقهم في اسطنبول كلما لزم الأمر. فما أن وصل إلى مكة حتى توجه إلى بلاد حرب ، حيث بنى لنفسه بعض الحصون في هذه المنطقة المحمية من هجمات الحكومة ، بقصد اللجوء إليها في حالة وقوع صراع في المستقبل. وقد دخل في خلاف مع الباشا الذي حضر احتفال تنصيبه في السلطة. وتمكن بواسطة نفوذه عند الصدر الأعظم ، من تغيير الباشا وتعيين باشا آخر. غير أن الصداقة بينهما لم تدم طويلا أيضا فقد انتهت بسرعة. فعندما أطلقت بعض العيارات النارية التي اخترقت طربوش الباشا ، في أثناء وجوده في المثناة بالطائف التي كان يقضي الشريف فيها فترة الصيف (٢) لم
__________________
(١) انظر : مصر في كتابات الرحالة الفرنسيين في القرن التاسع عشر ، د. إلهام محمد علي ذهني ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٩٥ م ، ص ٣٧.
(٢) في هذا الصيف زاره ديدييه ، وتحدث عن حادثة جرت بين حراس حرم الشريف الأكبر اللواتي كنّ في بستان يملكه الشريف في وادي المثناة واسمه : الشريعة ، وبين الباشي بوزوق الذين كانوا يرافقون والي جدة العثماني أحمد عزت باشا. وقد حاول هؤلاء الجنود دخول بستان الشريعة عنوة ، واستفزوا خدم الشريف واشتبكوا معهم وسالت دماء الجانبين ، ولما وصلت الأنباء إلى البدو ، سارعوا إلى المكان مسلحين ، ولكن الأتراك كانوا قد غادروه. ولما وصل خبر الحادثة إلى أسماع الباشا ، حل به الخوف ، وهرب من الطائف على وجه السرعة خوفا من ثورة البدو عليه. ولم تفلح مساعي الشريف الأكبر وإلحاحه في ثنيه عن الذهاب إلى جدة. هذا ما يرويه ديدييه في رحلته (ص / ٢٥٧ / ، من الأصل الفرنسي الذي وضعنا أرقامه في الأصل بين ـ