إن خيالة الشرق هؤلاء الذين يسمّون باشي بوزوق ، وهذا يعني بالتركية : ميليشيا ، هم داهية تحل في البلد الذي يرسلهم الباب العالي في حملة إليه : إنهم يأخذون كل شيء من الأسواق دون أن يدفعوا ثمنه ، ويعاملون التجار الذين يطالبون بحقوقهم معاملة سيئة ، إن حياة / ١٥٢ / الإنسان لا تساوي في نظرهم حياة كلب ، وهي أقل بكثير من حياة خيولهم. وإذا قابل أحد هؤلاء اللصوص امرأة غير منقبة ، فإنه يشهر مسدسه ويصوبه نحوها ، ثم يطلق ببرودة أعصاب النار على رأسها على مرأى من كل الناس ؛ ثم يقوم بعد فعلته ، وبهدوء ، بإرجاع سلاحه إلى حزامه ، ويتابع طريقه ، وهو يبرم شواربه ، دون أن يفكر أحد بالوقوف في طريقه ، أو بالنظر إليه نظرة احتقار. ولنتخيل مصير الشعب الذي تجعله الحرب تحت رحمة جنود غير منظمين ، ليس لهم دين ولا خلق كهؤلاء الجنود الذين هم سرّ قائدهم. كان كرد عثمان أغا هو الرئيس اللائق لهذه المليشيا التي أطلق لها العنان ، كان طوله ستة أقدام ، مفتول العضلات مثل هرقل ، وتظن حين تراه أنه عملاق يقسم الجبال إلى شطرين ، ولكن هذا العملاق كان يعد من الجبناء ؛ فهو إبّان الأحداث القريبة العهد التي كان معسكره مسرحا لها لم يفعل شيئا لإعادة فرض النظام ، وتلوح الآن في الأفق اضطرابات أكثر خطرا أيضا ، وهو لا يستعد للوقوف في وجه العاصفة ، وإنما يستعد للهرب إلى مصر ، وقد أرسل إليها منذ زمن عائلته وأمواله. لقد سطا خلال نهب إحدى المدن التي لا أذكر اسمها ، ولم يكن حينئذ إلا مجرد جندي ، على مجوهرات باعها ب ٢٠ ألف قرش ؛ واشترى بهذا المبلغ جيادا ، وكان ذلك بداية ثروته. وكانت مستحقاته حينئذ لا تزيد عن ٧٥٠٠ قرش في الشهر ، ولكنه كان يملك / ١٥٣ / الموهبة الكافية لرفعها إلى ٢٠ ألف ، وبفضل كفاءته المالية التي تعوض عجزه العسكري ، كوّن لنفسه ، بوسائل مشروعة تقريبا ، ومع أنه ما زال شابا ، رأسمال يقدر بمئتي ألف تلري ، أي مليون فرنك. إنه متحدث بارع ، ويزعم أنه يعرف تمام المعرفة بلده الأصلي. ويقدر أن عدد الفرسان الأتراك المنتشرين في كردستان يبلغ ١٧٠ ألف فارس ، وكان يذكر بفخر أنه يعرف مواضع سبعة مناجم ذهب في جبالها ، ولم تكن