موت أبيه ، وانهيار عائلته ، ونشأ في القاهرة برعاية محمد علي وتحت أنظاره. ثم عاد بعد فترة إلى الجزيرة العربية ، وكان إبّان رحلتي يقيم في جدة ، ويعيش من النفقة التي خصه بها الباب العالي ، بعيدا عن الأحداث. محكوما عليه بالعزلة التامة. ترددت عليه بطيبة خاطر ، وكنت أجد في بيته على الدوام شيوخا عربا يأتون إليه من القبائل المجاورة وخصوصا الهواجر (١) ، إن أسعفتني الذاكرة ، وكانوا يرون فيه ابن عبد الله وحفيد سعود أعظم زعماء الجزيرة العربية المعاصرة. لقد أحزنتني قصته وأعجبني شخصه : فهو محبب ومضياف ، يجمع بين النبل والظرف ، ونلمس من أحاديثه وفي تصرفاته أنه رجل يضم بين جوانحه قلبا كبيرا ، وتسيطر عليه مسحة من الحزن الرقيق والنبيل الذي لا يمس أصوله الكريمة ، ولا يضيره فيما آل إليه.
__________________
ـ وأن ديدييه أخطأ مع أنه يتحدث عن الرجل حديث الواثق ، وقد لقيه وقضى معه سحابة يوم كامل. انظر ترجمة خالد بن سعود في الموسوعة العربية العالمية ، ج ١٠ ، ص ٩ ، وفيها أنه توفي في مكة المكرمة ١٢٧٦ ه / ١٨٥٩ م ، وذكر الدكتور أبو عليه في كتابه : تاريخ الدولة السعودية الثانية ، ط ٤ ، ١٤١١ ه / ١٩٩١ م ، ص ٣٣٦ ، أن خالد بن سعود تولى الحكم من ١٨٣٧ م إلى ١٨٤١ م / ١٢٥٤ ـ ١٢٥٧ ه.
وتجمع المصادر على أنه كان صنيعة محمد علي ، وكانت سلطته سلطة اسمية محدودة في ظل السيادة المصرية ، وثارت في وجه خالد حركة مقاومة سعودية قادها الأمير السعودي عبد الله بن ثنيان الذي رجحت كفته وأيده أهل نجد ، وذهب خالد إلى الأحساء ، ثم إلى الحجاز بعد أن فشل في تجميع قوة تقف في وجه ابن ثنيان.
انظر ترجمة خالد أيضا في : عنوان المجد في تاريخ نجد ، للشيخ عثمان بن عبد الله ابن بشر النجدي الحنبلي ، تح. عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن عبد الله آل الشيخ ط ٤ ، ١٤٠٣ ه / ١٩٨٣ م ، مج ٢ ، ص ١٤٠. وفي : مثير الوجد في أنساب ملوك نجد ، للشيخ راشد بن علي الحنبلي بن جريسي ، تح. محمد بن عمر بن عبد الرحمن العقيل ، ١٤١٩ ه / ١٩٩٩ م ، ص ١٢٧ ـ ١٢٨ ، وكتاب جبران شامية ، آل سعود ماضيهم ومستقبلهم ، ص ٧٠ ـ ٧١.
(١) في الأصل : الهواري Haouari والصواب ما أثبتناه. وكان الهواجر من أنصار خالد ابن سعود في أثناء مدة حكمه.