وعلى الرغم من أنه نشأ في الغربة ، وأكل من بصل مصر ، فإنه لم يكن أقل حنكة من أبناء دينه ، وربما كان المستقبل يخبىء له مآلا عظيما في حالة الاضطراب التي تسود الشرق. كان وضعه يفرض عليه الحذر والتحفظ في كل أقواله وأفعاله. وخفت من أن يتعرض للشبهات إن شوهد بصحبتي غالبا ، لأنه ، وبسبب الظروف الحالية / ١٦٤ / كانت السلطات العثمانية ترى أن لرحلتي هدفا سياسيا كانت بعيدة كل البعد عنه. مع ذلك كنت أرغب في جعله يتكلم باستفاضة عن الوهابية ، وعن أسرته وعن نفسه ؛ إذ من الممكن أن يترصد بنا ، فعرضت عليه أن نجتمع في بيت شخص ثالث ، إنه بيت السيد دوكيه ، حيث لن يسمعنا أحد ، ولن يزعجنا أحد ، فوافق على ذلك ، ودام اللقاء طوال اليوم. ولما كانت السمات الحقيقية للوهابيين ، والدور الذي كان لهم في الجزيرة العربية غير معروف جيدا فإنني سأوجز في بضع صفحات المعلومات التي متحتها من مصدر في غاية الأصالة والشرف ، وسأكمل تلك المعلومات بأخرى لا تقل عن الأولى ثقة وأصالة. وسأبدأ ، لكي يندرج ما سيأتي في السياق المناسب ، ببعض المعلومات عن الأشراف الذين ليس لدينا في أوروبا فكرة صحيحة عنهم ، والذين يرتبط تاريخهم المعاصر ارتباطا وثيقا بتاريخ الوهابيين.