كان غالب بخيلا لا يفكر إلّا في زيادة ثروته ؛ وكانت كل الوسائل تبدو له مواتية لبلوغ ذلك ، فقد كان الجانحون ، حتى المجرمون يشترون حياتهم بمبالغ كبيرة يدفعونها له نقدا ؛ وكان يفرض على أبسط المخالفات غرامات كبيرة ، وإذا كانت الدماء لم ترق خلال فترة حكمه ، فإننا لا نستطيع قول الشيء نفسه / ١٧٦ / عن الذهب الذي كان يتدفق إلى خزائنه من كل الجهات وبكل الوسائل.
وقد سمعت الناس يقدرون عوائده ب ٦ أو ٧ مليون فرنك ، ولم يكن ينفق منها على بيته إلّا خمس مئة ألف. لقد كان يموّل جيشا دائما يبلغ عدده أربع أو خمس مئة من العبيد الذين يتم اختيارهم من بين عبيده أنفسهم ، ومن البدو الذين يتم تطويع غالبيتهم في نجد وفي اليمن وفي جبال عسير. وكان يقود هذا الجيش عدد من الأشراف ، ويعسكر في مكة المكرمة ، وفي جدة ، وفي مدن الحجاز الأخرى.
وكان هذا العدد يزداد في أيام الحرب ، بقدوم مشايخ الصحراء الذين كان عليهم وعلى قبائلهم أداء الخدمة العسكرية لأمير مكة المكرمة ، كما كان يفعل ذلك المقطعون (١) Vassaux في القرون الوسطى تجاه أسيادهم الإقطاعيين. لم يكن لهم مرتبات محددة ، ولكن الأمير كان يبقيهم في خدمته بتقديم الهدايا ، وكان يترك لهم نصيبا من غنائم الحرب. وكان يسلك الطريقة نفسها مع الأشراف الآخرين الذين ينضمون إليه ، والذين كان عددهم كبيرا ، وقد كان بذلك لا يرهق ميزانيته.
لقد زجّ غالب نفسه في حرب الوهابيين ؛ وانضوى تحت لوائه في بعض الأحيان ما يقارب عشرة آلاف رجل ؛ وهي قوة ضخمة بالنسبة إلى البلد. كان جنود المشاة مسلحين ببنادق الفتيلة (٢) Mosquets ، وبالخناجر ؛ أما الفرسان
__________________
(١) Le Vassaux المقطعون ؛ هم أشخاص كان السيد الإقطاعي يقطعهم أرضا لقاء تعهّدهم بتقديم الخدمات له. (عن المنهل).
(٢) Mosquets بنادق الفتيلة (وهي بنادق من نوع قديم كانت تطلق بفتيلة ملتهبة) (عن المنهل) ، وانظر : رحلات بوركهارت ... ، موثق سابقا ، ص ٤٠٧.