رجل علم جليل ، تجول في أنحاء الإمبراطورية المختلفة (١) ، وحزن لما رآه من فساد عقيدة المسلمين ، ولما لاحظه من مفاسد أدرجت ضمن العبادة ، وخصوصا لدى الأتراك. وقرر حينئذ أن يقوم بإصلاح ديني عرض مسوغاته في عدد من كتبه. لقد اتخذ من القرآن الكريم وحده أساسا لإصلاحاته بغض النظر عن كل الشروح ، وكل البدع التي تشوه في نظره صفاء الفطرة الأولى ، ثم بدأ يدعو إلى العودة بالإسلام إلى مبادئه الأصلية ، وإلى الإيمان بالوحدة المطلقة لله عزوجل. وكان انطلاقا من ذلك يحرّم أن ينظر إلى النبي صلىاللهعليهوسلم بأي صفة أخرى عدا أنه إنسان ، وأنه لا ينبغي تقديسه ولا التوسل إليه مباشرة. وأبطل عبادة الأولياء التي اكتسبت أهمية كبرى في كل الأديان ؛ وأعلن أن الزكاة والعدل واجبان ضروريان شأنهما شأن الصلاة ، ونهى عن اتباع البدع التي رآها سائدة لدى العثمانيين ، وأوصى بالورع والتقشف مستخدما في الدعوة القوة التي منحه إياها سخطه على الأوضاع ، وقد بلغ به التشدد أنه حرّم على أتباعه التدخين (٢).
__________________
ـ بوركهارت اسم الشيخ خطأ ، وهذا ما يرجح أنه ينقل عنه. انظر مقدمتنا لهذه الترجمة.
(١) في : مواد ... ، موثق سابقا ، ص ٩ ـ ١٠ «... زار عدة مدارس في مدن الشرق الرئيسية ، كما هي عادة أهل بلده حتى الآن ...» وعلق الدكتور العثيمين في ص (١٠) الحاشية (٢): «أول من أشار إلى سفر الشيخ إلى عدة بلدان مهمة في الشرق ؛ خاصة بلاد فارس ، هو نيبور. انظر كتابه المذكور سابقا ، ج ٢ ، ص ١٣٢. والمرجح أن الشيخ لم يسافر إلا إلى الجهات التي ذكرها أقاربه وتلاميذه وهي : الحجاز والأحساء والبصرة».
(٢) ذكر الدكتور العثيمين في : مواد ... ، موثق سابقا ، ص ٢٥ ، الحاشية (١) «حرّم أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب تدخين التبغ على أساسين : أحدهما أنه يسكر ؛ خاصة إذا دخّن بعد فترة طويلة من الامتناع عن تدخينه ، وثانيهما أنه يسبب رائحة خبيثة ، والخبائث محرّمة بنص القرآن الكريم». انظر : مجموعة الرسائل والمسائل النجدية ، القاهرة ، ١٣٤٦ ه ، ج ١ ، ص ٦٥٢. وانظر : الحركة الوهابية في عيون الرحالة الأجانب ، بقلم لي ديفيد كوبر ، وجورج رينتز ، ترجمة وتعليق أ. د. عبد الله بن ناصر ـ