ويمكن مقارنة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بالمصلحين الذين ظهروا في أوروبا في القرنين الخامس عشر والسادس عشر لقد كان يجمع بين صفات / ١٨٠ / كالفن (١) Calvin وسافونارولا (٢) Savonarola.
إن محمد بن عبد الوهاب لم يؤسس ، مهما قال عنه أعداؤه ، لا مذهبا جديدا ، ولا عبادة جديدة ، ولكنه دعا إلى أن يقوم ذلك كله على القرآن ، كما كان لوثر (٣) Luther وهوس (٤) Huss يدعوان إلى الاعتماد على الكتاب المقدس. وليس بمستغرب أن دعوته إلى الأصالة لم تعجب الأتراك الذين كانوا يراقبونه ، وكانوا لا ينون يتبعون استراتيجية تشويه مذهبه لكي يتمكنوا من الافتراء عليه.
ولما استفتى باشا مصر علماءها رأيهم في الدعوة الوهابية أقروا أنها دعوة سنية ، وأضافوا : أنه إذا كان ما عرض عليهم هو حقيقة الوهابية فهم أنفسهم وهابيون (٥) ومهما يكن من أمر فإن المصلح العربي ، لم يلق إلا نجاحا بسيطا في دعوته إبّان حياته ؛ لأن الشرق أكثر تمردا من الغرب أيضا في وجه الإصلاحات. ولما أنجز أسفاره ، وعزم على العودة إلى وطنه ، استقر مع أسرته
__________________
ـ الوليعي ، د. ن ، الرياض ١٤١٧ ه / ١٩٩٧ م ، ص ٥١ ، ٩٥. «وسنشير إليه ب الحركة الوهابية في عيون ...».
(١) جون كالفن John Calvin ، لاهوتي فرنسي ، مؤسس المذهب الكالفني. نشر راية الإصلاح البروتستانتي في فرنسا ثم في سويسرا عاش بين عامي ١٥٠٩ م ـ ١٥٦٤ م.
(٢) جيرولاموا سافونارولاGirolamo Savonarola (١٤٥٢ ـ ١٤٩٨ م) راهب ومصلح ديني إيطالي. شن حملة على الفساد الأخلاقي الذي عرفته الكنيسة في عصره.
(٣) مارتن لوثرNartin Luther (١٤٨٣ م ـ ١٥٤٦ م) راهب ألماني تزعم حركة الإصلاح البروتستانتي في ألمانيا.
(٤) جون هوس John Huss (١٣٧٣؟ ـ ١٤١٥) مصلح ديني تشيكي اتهم بالهرطقة فأعدم حرقا.
(٥) قارن بما يذكره بوركهارت في : مواد لتاريخ الوهابيين ، موثق سابقا ، ص ٢٣ ـ ٢٤ ، وانظر : الحركة الوهابية في عيون ... ، موثق سابقا ، ص ٩٦ ـ ٩٧.