الدرعية ، وتقويض / ٢٠١ / دعائم الحكومة الوهابية تماما. وقد أبدى إبراهيم في هذه المناسبة شجاعة وكفاءة لا يمكن إنكارهما ، وأظهر حزما تكلل بالنجاح ، واستطاع أخيرا في سبتمبر (أيلول) ١٨١٨ م بعد سنتين من الجهد المستمر ، والنضال بلا هوادة ، الاستيلاء على الدرعية (١) التي هدمها رأسا على عقب ، وأجبر السكان على البحث عن ملجأ في مكان آخر. وأخضع نجدا كلها ، واستطاع بفضل مساعدة باشا البصرة أن يصل بجيشه الظافر إلى ما وراء جبل شمر باتجاه بغداد.
لقد دافع عبد الله بن سعود عن عاصمته بتصميم كبير ، وشجاعة نادرة ، ولكنه لم يلق في دفاعه دعم السكان الذين أنهكهم الحصار الطويل ، وثبط هممهم ، والذين كانوا يفضلون الحظوظ التي سيوفرها لهم الاستسلام ، على الويلات التي سيجرها عليهم هجوم إبراهيم باشا ، ولكن تفكيرهم بذلك يعني أنهم يجهلون طبائع الأتراك. لم يعد عبد الله يستطيع الاعتماد إلّا على حرسه الخاص المكوّن من أربع مئة عبد أسود كانوا مستعدين للموت حتى آخر رجل منهم دفاعا عنه. ولمّا فقد كل الآمال كان باستطاعته الفرار والالتجاء إلى قلب الصحراء بانتظار أيام أفضل ؛ ولكنه كان يفضل الاستسلام لأعدائه ، والاعتماد على أريحية المنتصر ، كما لو أن التركي يتمتع بأي قدر من الأريحية! وبعد بضعة أيام من الاستعدادات والتردد سلم نفسه بإرادته لإبراهيم باشا الذي كان لا يزال في ريعان الشباب ، واستقبل عبد الله بن سعود في خيمته باحترام كبير / ٢٠٢ / : «وقال له مواسيا : إن الرجال العظام يعانون صروف الدهر ، وإن باستطاعته الاعتماد على عفو السلطان».
__________________
(١) حطم إبراهيم باشا الدرعية تماما سنة ١٨١٨ م / ٨ ذي القعدة ١٢٣٣ ه ، وفي سنة ١٨٢١ وكانت سيطرة المصريين تامة على الحجاز ، بينما ظلت نجد أقل أهمية بالنسبة إلى المصريين ؛ وهكذا تمكن ابن عم لسعود بن عبد العزيز هو (تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود) أن يقود ثورة اختار الرياض لتكون عاصمة له وظلت كذلك حتى اليوم. انظر : الحركة الوهابية في عيون ... ، موثق سابقا ، ص ٦٩ ، الحاشية (١٦).