من قدامى ضباط الحرس الذين تورطوا في الفتنة العسكرية عام ١٨٢٥ م ، عند ما تسلم العرش الإمبراطور نقولاNicolas. ثم أفلح في الهرب ولجأ إلى إستانبول ، ولكن السفير الروسي ألح في طلبه ، وخوفا من أن تستجيب الحكومة التركية الضعيفة للمطالب المتكررة / ٢٣١ / لجارها القوي ، اعتنق الإسلام لكي يفلت من ثأر القيصر. ولمّا أصبح يتمتع بالحصانة بسبب تخليه عن دينه ، فإنه ذهب للإقامة في الحجاز حيث قضى فترة طويلة ، ثم قضى أيامه الأخيرة في الأناضول. ومع أن أوروبيا كان يسكن ذلك البيت ، فليس فيه ما يذكّر بأوروبا : كان مربعا ، صغيرا جدا ، مبنيا بالحجارة فقط ، تمتد أمامه مصطبة ، ويحيط به عدد من الأفنية التي تطل غرفاته عليها.
كانت الغرف الرئيسية في الطابق الأرضي ، وكانت مغطاة بالبسط ، وقد أعدت لنستريح فيها ، خلوت بنفسي بضع ساعات للاستظلال ، بل قل للاستراحة ؛ لأنه لا يمكن للإنسان أن يتحمل الحركة واختلاط الأمور في منزل صغير ، حطّ فيه رحالهم ما يقارب مئة رجل مسلح. لم يستطع الجميع دخول المنزل ، بل ظل كثير منهم في الخارج ، مستلقين على الأرض ، أو يجلسون القرفصاء بمحاذاة الجدران ، أما الآخرون فقد كانوا يتزاحمون في فناء المنزل. لقد أكل وشرب هذا الجمع الغفير كله كيفما اتفق. أما نحن فقد قدّم لنا في البداية اللبن ، وله لدى العرب استخدامات كثيرة ، والمعروف أنه صحي جدا في تلك الأجواء.
ثم حملوا إلينا بعد ساعتين جبلا من الرز يعلوه خروف ضخم مشوي ، يحمله عبدان ينوءان بحمله ، ثم وضعوه أمامنا. دعونا الشريفين لمشاركتنا الطعام ، وها نحن جميعا جالسون على شكل دائرة ، وأقدامنا / ٢٣٢ / متصالبة حول هذه الجفنة الضخمة : كنا سبعة ، وكانت شهيتنا مفتوحة ، ولمّا شبعنا نحن السبعة كان الطعام لا يزال وفيرا ، وذهب ما بقي من المائدة إلى المعنيين. كانت الساعة حوالي الثالثة عند ما فكرنا بالانطلاق ؛ لأن الوصول إلى الطائف كان يحتاج أربع ساعات على الأقل. لم يرافقنا شريف الجبل ورجاله من البدو ، وتمت مراسم الوداع من الجانبين بالمراسم والصمت اللذين سادا عند الوصول.