أما بقية اليوم فقد انقضت في استقبال الزوار ، فقد جاء لزيارتنا على التوالي خازن الشريف الأكبر ، وكبير خدمه ، وغيرهما من موظفيه ، ولست أدري إن كان سيدهم قد أرسلهم أم أنهم قاموا بذلك متطوعين. ثم جاء بعدهم أصدقاء أسرة شمس وجيرانهم ، وأشخاص آخرون من المدينة دفعهم الفضول إلى المجيء. / ٢٥٩ / نتزاور في الشرق دون سابق معرفة ، وهناك تسامح كبير في هذا المجال. فغالبا لا يتبادل الزائر والمزور كلمة واحدة ، ولكن المجاملة هي القانون ، ولن يخطر ببال أحد ، أيا كان ، أن يسأل زائرا ، وإن كان غير معروف ، لا من يكون؟ ولا لماذا يأتي؟
لقد كان شمس العجوز ، وخصوصا ابنه عبد الله ، يقضيان معنا وقتا أكثر مما يقضيانه في منزلهما ، وقد أسديا لنا بطيبة خاطر خدمات جليلة ، وزوّدانا بمعلومات عن أشياء تثير فضولنا ، لقد كانا باختصار ينتهزان كل الفرص ليكونا مفيدين لنا ، ولطيفين معنا. وخطر ببالهما أن يأتيا بشخص من الجوار يقوم بدور المهرج ، أملا في أن تستطيع حماقاته تسليتنا.
إن للعرب ميلا واضحا لهذا النوع من الترويح عن النفس ، ويبدو أنه ليس من الصعب إرضاؤهم في اختيار الطرف التي تكاد تكون في غالب الأحيان
__________________
ـ القرى وما ينبت عليها من الأشجار وما فيها من المياه ، موثق سابقا ، (نوادر المخطوطات) ، ج ٢ ، ص ٤٢٠ : «والطائف ذات مزارع ونخيل وموز وأعناب وسائر الفواكه ، وبها مياه جارية وأودية تنصب منها إلى تبالة. وجلّ أهل الطائف ثقيف وحمير ، وقوم من قريش ، وغوث من اليمن ، وهي من أمهات القرى ... وبالطائف منبر ...». وذكر ياقوت الحموي تعليلات كثيرة لتمسيتها بالطائف. وقال البكري : وإنما سميت بالحائط الذي بنوا حولها وأطافوه بها تحصينا. وكان اسمها : وج. قال أمية بن أبي الصلت (الثقفي) :
نحن بنينا طائفا حصينا |
|
يقارع الأبطال عن بنينا |
ومصيفها معروف من قديم الزمان ، قال النميري في زينب بنت يوسف أخت الحجاج يصف نعمتها :
تشتو بمكة نعمة |
|
ومصيفها بالطائف |