الشريف الأكبر من هذا التقليد ؛ فأرسلها لنا مع أمين خزانته ؛ فتلقيت أنا عباءة بيضاء رائعة ، مصنوعة من الصوف البغدادي ، وموشاة بالذهب الخالص ، وتلقى السيد دوكيه عباءة سوداء ، وتلقى رفيق رحلتي قماش سرج موشى بالفضة. أما نحن فقد أبدينا كرما فياضا إزاء أشخاص منزل الشريف كلهم ، ممن أدوا لنا بعض الخدمات ، دون أن ننسى بالطبع أفراد أسرة شمس ؛ لأننا كنا نظن أنه ينبغي مقابلة الاحترام الذي أبدوه لنا بالبخشيش. وقد طلب السيد دوكيه من الشريف حامد النصيحة في ذلك ، فقام الشريف بتحديد حصة كل واحد من خدم البيت ؛ ومع أن المبلغ الذي حدده الشريف حامد كان معقولا ، لكنني كنت أرى أن نضاعفه ، وشاركني رأيي رفيق رحلتي / ٢٦٥ / الذي كنت أتقاسم معه نفقات الرحلة. وأيا كانت التضحيات التي فرضها علينا ذلك ، فإنه كان يليق بالمكانة التي منحونا إياها ، وفيها حفاظ على شرف الأوروبيين ، وكان ينبغي ، في حدود الممكن ، أن يكون كرمنا مساويا للضيافة التي حظينا بها. وأستطيع القول دون أي ادعاء : إن ما رأيناه باعتبارنا مجرد أشخاص عاديين ، كان عظيما ، ويمكن أن يذهب بعض الأوروبيين إلى الطائف بعدنا دون أن يعتريهم الخجل من الذكريات التي تركناها هناك. ولمّا لم يكن معي أي شيء مادي يمكن أن يهدى لأسرة شمس ، وعدت حفيده الصغير عبد القادر بأن أرسل له فيما بعد تذكارا مني ، ووفّيت بكلامي ، وأرسلت له من الإسكندرية بوساطة السيد اللطيف أوتري M.Outrey الذي عيّن بعد فترة من وصولي إلى الإسكندرية قنصلا لفرنسا في جدة ، ساعة ثمينة ، وتلقيت إثر ذلك من والده رسالة أثبت هنا ترجمتها الحرفية (إلى الفرنسية طبعا) نموذجا للأسلوب التراسلي لدى العرب المعاصرين.