ثمانية أشخاص غير مدعوين ، منهم أحمد حمودي ، مما أحدث بعض الاضطراب في الخدمة. وبعد هذا التأخير ، أدركنا المغرب في وسط العشاء ، وغادر مدعوونا الطاولة لمّا سمعوا نداء المؤذن لأداء الصلاة في غرفة مجاورة. إنني ، باختصار ، لم أر في حياتي عشاء أكثر تهافتا ، وأكثر / ٢٩٣ / اضطرابا. لا يمكن إتقان الأمور إلّا في بيئتها المناسبة. كانت لحظة الوداع حرجة ؛ إذ لم يحصل رئيس الجمّالة ومن رافقونا إلى جدة على بخشيشهم في الطائف ، وقد وزعنا عليهم تلرات تتناسب مع طول بقائهم معنا ، والتعب الذي اعتراهم من خدمتنا ، وأضفنا إلى بخشيش رئيسهم ثوبا أحمر طارت له نفسه فرحا ، ولبسه على الفور ، وجاب السوق لتراه المدينة كلها.
لم يكن بوسعنا نسيان الشريف حامد نفسه ، فقدمنا له تذكارا هو وشاح كشميري ، ثمنه ألفا قرش ، وقد بدا راضيا عنه كل الرضا ، ووعدنا أن يلبسه إكراما لذكرانا. وقد علمت ، بكل أسف ، أنه لم يلبسه طويلا ، لأن هذا الرجل النبيل ، الأنموذج الكامل للسيد العربي ، توفي بعد بضعة أشهر من تاريخ عودتي إلى فرنسا.