أو أربعين يوما. قررت إذا عبور البحر الأحم بخط مستقيم من جدة إلى سواكن. وكنت أنوي أن أذهب من هناك لركوب النيل ، سواء من النوبة أم في منطقة أبعد من ذلك في الخرطوم ، ومن هناك أهبط إلى القاهرة عبر النيل. وقد زودني أمين بيك الذي سلك تلك الطريق بمعلومات مفصلة عن البلد ، ولمّا كان علينا التخييم كل مساء في تلك الصحراء فقد اشتريت خيمة بدل الخيمة التي احترقت في السويس. ولمّا اعتمد رفيق رحلتي الطريق المذكورة نفسها قام السيد دوكيه في اليوم نفسه باستئجار سنبوك من سواكن كان جاهزا للعودة إليها ، وبمبلغ تافه بلغ خمسين قرشا.
كان ينبغي أن نغادر في يوم ٩ مارس (آذار) ، ولكن مغادرتنا تأجلت حتى يوم ١٢ من الشهر نفسه بسبب ظرف سأتحدث عنه.
كان قنصل فرنسا في جدة حينئذ ، كما ذكرت ذلك سابقا ، هو روشيه المدعو ديريكور ؛ وهي تسمية وهمية أضافها إلى اسمه ليجعله في الظاهر أكثر أرستقراطية. بدأ حياته عاملا في دباغة الجلود ، وقد كان كل شيء فيه ، لغته ، وطبائعه تدل على بداياته. ثم ذهب بعد ذلك للبحث عن الثروة في الحبشة ، ومضى / ٣٠٧ / في رحلته حتى وصل إلى مملكة خوا (١) Choa ، ثم عاد إليها مرة أخرى مع هدايا الملك لويس ـ فيليب إلى مليك الحبشة. وقد ظهرت قصة هاتين الرحلتين موقعة باسمه (٢) ، ولا يمكن أن يكون هو المؤلف : لأنه عاجز عن أن يكتب مجرد رسالة ، لقد استعان لكتابتها بقلم أحد الكتاب ، أعرفه ، وأستطيع ذكر اسمه. وانطلق من ذلك ليعيّن قنصلا من الدرجة الثانية وفارسا ، ثم حصل بعد ذلك على وسام جوقة الشرف برتبة ضابط ، ولكن ذلك لم يغير شيئا من كونه دباغ جلود.
__________________
(١) في القسم الجنوبي من بلاد الحبشة ، انظر : اكتشاف ... ، موثق سابقا ، ص ٣٣٨.
(٢) تقول جاكلين بيرين في : اكتشاف ... ، موثق سابقا ، ص ٣٣٨ : «... ومع هذا ، لا تخلو قصة رحلته ، ومروره بالقصير ، وجدة ، والحديدة ، والمخا ، من المعلومات الشائقة ؛ إذ كان قد طرأ تبدل عظيم في شؤون البحر الأحمر ما بين سنتي ١٨٣٩ و ١٨٤٢ م ، وذلك بتأثير الظروف السياسية الدولية».