/ ٥١ / التي لا ظل لها ، ولا يكاد يكون لها أوراق.
لقد كان الطقس حتى هنا جميلا ، ثم أصبح فجأة ينذر بالخطر ؛ فقد أصبح لون السماء ، داكنا ومصفرا ، يوحي بالشؤم ، وملأت السماء في وقت قصير السحب السوداء ، وحلّ حولنا ظلام مغم ، وهاج البحر يزأر من بعيد ، وقصف الرعد وراء الجبال قصفا يصم الآذان ، وكان صوته يقترب منا عند كل قصفة ، وبدأت قطرات المطر الكبيرة تسقط علينا. وكان كل شيء يرهص بحدوث عاصفة هوجاء. ولم يبد على الجمال والجمّالة أي قلق ، ولم يخطئهم حسهم ؛ إذ هدأ البحر فجأة ، كما كانت الحال عند بدء العاصفة ، وابتعد الرعد ، ثم توقف ، وتفرقت السحب بسرعة ، وعاد إلى السماء صفاؤها المعتاد. لقد كان على يسارنا طوال يوم المسير سهل رملي معزول يمتد حتى البحر الذي لا نكاد نراه إلا لماما ، وكانت على يميننا سلسلة جبال سربال الجرداء. لقد وصلنا في المساء إلى آخر الطريق بعد ثماني أو تسع ساعات من المسير. لقد كانت خيام الجيش المكلف إنشاء الطريق منصوبة في مدخل وادي حبران العريض على صف واحد ، ومتقاربة إحداها من الأخرى ، حتى إنها تولد شعورا بالروعة وسط هذا القفر / ٥٢ / الصحراوي. وتتباين بلونها الأبيض مع خليفة الغروب التي كان الظلام قد بدأ يغشاها.
كنا قد مررنا بالمعسكر وهو خال ، لأن وقت مرورنا صادف خلال ساعات العمل. وقد كان الجنود يعودون إليه ، وأدوات العمل على أكتافهم ، وكأنهم مجرد عمال بسطاء ، بعد يوم عمل صعب. إن هذا التجمع الكبير من الرجال في بلد يخلو من كل شيء ، استنفد موارده ، لما طالت إقامته حتى انتشر الجوع بين سكانها ، ولم يعد لدى البدو ما يأكلونه ، ولا ما يطعمون به جمالهم ، وقد حاولنا عبثا البحث في الطور عن خروف نحتاجه خلال السفر ، ولم نجد بغيتنا بأي ثمن كان. ثم شاءت المصادفة أن نجد واحدا ، كان صاحبه يذهب إلى المعسكر ليبيعه ، وقد طلب منا مقابله ثمنا مرتفعا ، كان الحيوان المسكين هزيلا مما جعل طباخنا غاسبارو مازانتي يرفض بعناد إتمام الشراء.
لقد كانت حاجات الجنود الضرورية كلها تستقدم من القاهرة ، ولنتخيّل