إنكم مكتوبون عند الله بأسمائكم وبسماتكم ونجواكم وخلالكم (١) ومجالسكم ، فإذا كان يوم القيامة قيل : يا فلان ، هذا نورك ، يا فلان لا نور لك ، وإنّ لجهنم جنابا من ساحل كساحل البحر فيه هوامّ ، حيات كالبخاتي ، وعقارب كالبغال الدك (٢) ، أو كالدك البغال ، فإذا سأل أهل النار التخفيف قيل : اخرجوا إلى الساحل ، فيأخذهم تلك الهوامّ ، شفاههم وجنوبهم ، وما شاء الله من ذلك فيكشطها ، فيرجعون ، فيبادرون إلى معظم النار ، ويسلّط عليهم الجرب ، حتى إن أحدهم ليحكّ جلده حتى يبدو العظم ، فيقال : يا فلان ، هل يؤذيك هذا؟ فيقول : نعم ، فيقال له : ذلك بما كنت تؤذي المؤمنين.
أخبرنا أبوا (٣) الحسن الفقيهان ، قالا : أنبأ أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو بكر الخرائطي ، نا علي بن حرب ، نا محمّد بن فضيل بن غزوان الضبّي ، ثنا يزيد بن أبي زياد ، عن مجاهد قال :
قام يزيد بن شجرة في أصحابه فقال : أيها الناس إنّها قد أصبحت عليكم وأمسيت من بين أخضر وأصفر وأحمر ، وفي البيوت ما فيها ، فإذا لقيتم العدو غدا فقدما قدما ، فإنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ما تقدم رجل خطوة إلّا اطلع عليه الحور العين ، فإذا تأخر استترن منه ، فإذا استشهد كانت أول نضحة من دمه كفّارة لخطاياه ، وتنزل إليه اثنتان من الحور العين تنفضان عنه التراب ، وتقولان : مرحبا ، فداؤنا لك ، ويقول : مرحبا ، فدائي لكما».
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنبأ أبو محمّد الجوهري ، أنبأ أبو عمر بن حيّوية ، وأبو بكر بن إسماعيل قالا : ثنا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا عبد الله بن المبارك (٤) ، أنبأ زائدة ، عن منصور ، عن مجاهد قال :
كان يزيد بن شجرة مما يذكرنا فيبكي ، وكان يصدق بكاءه بفعله ، وكان يقول : يا أيها الناس ، اذكروا نعمة الله عليكم ، ما أحسن أثر نعمة الله عليكم ، لو ترون ما أرى من بين أحمر وأصفر وأبيض وأسود ، وفي الرحال ما فيها ، إن الصلاة إذا أقيمت فتحت أبواب السماء ، وأبواب الجنّة ، وأبواب النار ، وإذا التقى الصفان فتحت أبواب السماء ، وأبواب
__________________
(١) الأصل : وحلالكم ، والمثبت عن «ز» ، وم.
(٢) يقال : فرس دك إذا كان عريض الظهر قصيرا ، قال : وهي البراذين ، تاج العروس : دكك (طبعة دار الفكر).
(٣) الأصل وم و «ز» : أبو.
(٤) رواه عبد الله بن المبارك في الزهد والرقائق ص ٤٣ رقم ١٣٣ في باب ما جاء في الحزن والبكاء.