بعضا ، وإنّما يغني منه ما وعي عنك ، وإذا استشرت فاصدق الحديث تصدق المشورة ، ولا تدّخرن عن المشير شيئا ، فتكون إنما تؤتى من نفسك ، ولا تلجنّ في عقوبة فإنّ أدناها وجيع ، ولا تسرعنّ إليها وأنت مكتف (١) بغيرها ، ولا تكشف الناس عن أسرارهم ، واستغن بعلانيتهم ولا تجسس في عسكرك فتفضحه ، ولا تغفله فتفسده ، ولا تقاتلنّ بمجروح فإن بعضه ليس معه ، واستسل الناس بالدنيا فإنّ ذا النية تكفيك نيته ، ومن أعطيته شيئا بشيء فف له به ، ولا تتخذنّ جشما تضع عنهم ما تحمله على غيرهم ، فإن ذلك يضغن الناس عليك ، ويستحلون به معصيتك.
قال القاضي : رضي الله عن أبي بكر ، فقد أبلغ في وصيته ، وبالغ في نصيحته ، ومن حفظ عنه ما علمه ، واحتذى ما أشار به ورسمه ، كان سالكا محجة الرشاد في المعيشة ، والمعاد ، ونسأل الله التوفيق للسداد ، وحسن الاستعداد.
أخبرنا أبو القاسم بن أبي الجن (٢) العلوي ، أنا أبو الحسن المقرئ ، أنا الحسن بن إسماعيل ، ثنا أحمد بن مروان ، نا إسماعيل بن يونس ، نا الرياشي ، عن العتبي قال :
استعمل أبو بكر الصدّيق يزيد بن أبي سفيان على ربع من أرباع الشام ، فلمّا صعد المنبر ارتج عليه ، فقال : يا أهل الشام ، عسى الله أن يجعل بعد عسر يسرا ، وبعد عيّ بيانا ، واعلموا أنكم إلى إمام فاعل أحوج منكم إلى إمام قائل ، ثم نزل.
فبلغ ذلك عمرو بن العاص فاستحسنه.
أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا أحمد بن عبيد بن الفضل ـ إجازة ـ أنا محمّد بن الحسين بن محمّد ، ثنا ابن أبي خيثمة ، نا موسى بن إسماعيل ، نا إبراهيم بن سعد قال :
كان يزيد بن أبي سفيان على ربع ، وشرحبيل بن حسنة على ربع ، وأبو عبيدة بن الجرّاح على ربع ، وعمرو بن العاص على ربع ـ يعني : يوم اليرموك ـ ولم يكن يومئذ عليهم أمير.
أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم ، أنا أبو الفضل الرّازي ، أنا جعفر بن عبد الله ، نا
__________________
(١) الأصل : «تلتقي» وفي م : «ملتقى» وفي «ز» : «تكتفي» والمثبت عن الجليس الصالح.
(٢) الأصل وم : «الحسن» والمثبت عن «ز».