وما مسألتك عن ذلك؟ قال : لعلّ الله أن ينفعني ، قال : ويحك ، إن ربّي تواعدني أن يحبسني في جهنم ولو كان يواعدني أن يحبسني في حمام لقد كان ينبغي أن لا يجف لي دمعة ، قال : فأنت في خلواتك كذلك؟ قال : وما مسألتك عن ذلك؟ قال : لعلّ الله أن ينفعني فقال : أي والله إنّي في خلواتي كذلك حتى أنّي ربما أردت أهلي فأذكر قاتلي فيمنعني عن ذلك ، وربّما أردت الطعام ، فأذكر قاتلي ويمنعني عن ذلك فيبكي أهلي (١) وتقول يا ويلها ما ذا بليت به من بين نساء العالمين بك ، وتبكي صبياننا من أجلنا لا يدرون ما شأننا.
أخبرنا أبو محمّد الحسن بن أبي بكر ، أنا الفضل بن يحيى ، أنا أبو محمّد بن أبي شريح ، أنا محمّد بن عقيل بن الأزهر ، نا منصور بن محمّد بن منصور ، نا الوليد بن مسلم ، عن عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر قال : قلت ليزيد بن يزيد ، أو قال : يزيد بن مرثد ـ الشكّ مني ـ : ما لعينك لا تجف؟ قال : لو أن الله وعدني إن أنا عصيته أن يسجنني في الحمام لكان بالحريّ أن لا تجف دموعي ، قال : قلت له : أهكذا أنت في الخلوات؟ قال : وما مسألتك عن هذا؟ قال : قلت : كلمة لعل الله أن ينفعني بها ، قال : إنّي لأهمّ بأهلي فأذكر منه ، فأبكي ، وتبكي أهلي لبكائي ، وأنه ليقرّب إليّ الطعام ، فأذكر منه ما يعلم ، فأبكي ، وتبكي أهلي لبكائي ، ويبكي (٢) الصبيان لبكائنا ، وتقول أهله : يا ويحها لما خصت به من بين نساء المسلمين.
[قال ابن عساكر :](٣) كذا قالا ، والصواب : يزيد بن مرثد.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا دعلج بن أحمد ، نا إبراهيم بن أبي طالب ، نا هدية بن عبد الوهّاب (٤) ، نا الوليد بن مسلم ، نا عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر قال : قلت ليزيد بن مرثد : ما لي أرى عينيك لا تجف؟ قال : وما مسألتك؟ قال : قلت : لعل الله ينفع به ، قال : إنّ الله يوعدني إن أنا عصيته أن يسجنني في النار ، والله لو يوعدني أن يسجنني في الحمام كنت حريا أن لا يجف لي دمع ، فقلت : هكذا في خلواتك؟ قال : والله إنه لتوضع القصعة بين أيدينا فتعرض لي (٥) فأبكي
__________________
(١) من قوله : أهلي ... إلى هنا سقط من م.
(٢) الأصل وم : ويبكون ، والمثبت عن «ز».
(٣) زيادة منا.
(٤) هو أبو صالح هدية بن عبد الوهاب المروزي ، ترجمته في تهذيب الكمال ١٩ / ٢٢٨.
(٥) بالأصل : لها ، والمثبت عن «ز».