ويبكي أهلي وتبكي صبياننا ، لا يدرون ما أبكانا ، والله إني لأسكن إلى أهلي فتعرض لي فيحول بيني وبين ما أريد ، فيقول أهلي : يا ويحها ، ما خصت به معك من طول الحزن ما تقر لي معك عين.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا محمّد بن هبة الله ، أنا محمّد بن الحسين.
ح وأخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو الحسين محمّد بن نفير (١) ، نا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب (٢) ، نا عبيد الله بن سعيد أبو قدامة ، نا الوليد بن مسلم ، حدّثنا عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر قال : قلت ليزيد بن مرثد : ما لي أرى عينيك لا تجف؟ قال : وما سؤالك عن هذا؟ قلت : عسى الله أن ينفعني به ، قال : يا أخي ، لو لم يتواعدني الله إن أنا عصيته إلّا أن يحبسني (٣) في حمّام لكان حريا أن لا تجف لي عين ، فكيف وقد توعدني بنار جهنم ، قال : قلت : على كلّ حال يكون هكذا؟ قال : وما سؤالك عن هذا؟ قلت : عسى الله أن ينفع به ، قال : إنّي ربما دنوت من أهلي كما يأتي الرجل أهله ، فيخطر على قلبي فيحول بيني وبين ما أريد ، وربما وضع الطعام فيخطر على قلبي ، فأبكي ، فتبكي أهلي لبكائي ، وصبياننا ببكائنا ، لا يدرون ما الذي أبكاني ، وحتى ربما أضجرت امرأتي تقول : يا ويحها ، ما ذا خصت به من بين نساء العالمين بطول الحزن معك في الحياة الدنيا.
أخبرناه عاليا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، وأبو بكر بن إسماعيل قالا : نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا الوليد بن مسلم ، نا عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر قال : قلت ليزيد بن مرثد : ما لي أرى عينيك لا تجف؟ قال : وما مسألتك عن ذلك؟ قال : عسى الله أن ينفع به ، قال : يا أخي ، إنّ الله يواعدني إن أنا عصيته أن يسجنني في النار ، ولو تواعدني أن لا يسجنني إلّا في الحمام لكنت حريا أن لا تجف لي عين.
قال : وأنا الوليد بن مسلم ، أنا عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر قال : قيل ليزيد بن مرثد : هكذا أنت في خلواتك؟ قال : وما مسألتك عن ذلك؟ قلت : عسى الله أن ينفعني به ، قال : والله إن ذلك ليعرض لي حين أسكن إلى أهلي ، فيحول بيني وبين ما أريد ، وإنه ليوضع
__________________
(١) كذا رسمها بالأصل ، وفي م : «كعب» وقوله : «أنا أبو الحسين محمّد بن نفير» سقط من «ز».
(٢) رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ ٢ / ٣٧٨.
(٣) في المعرفة والتاريخ : يجلسني.