حدّثني رقبة العبدي ، قال : خرج يزيد بن أبي مسلم كاتب الحجّاج من عند الحجّاج ، فلقي الشعبي على الباب ، فقال : لقد قضى الأمير اليوم بقضية ، ما كنت أرى أن أحدا من أهل القبلة يقضي بها ، قال له الشعبي : أيّ شيء هي؟ قال : جعل متاع البيت للرجل إلّا أن تقيم المرأة على شيء منه بيّنة ، فقال له الشعبي : تكتم عليّ؟ قال : نعم ، قال : قد قضى بها رجل من أهل بدر ، قال له : من هو؟ قال : أنا أعرفك ، اجعل لي موثقا لا تخبر به الحجّاج ، قال : هو علي بن أبي طالب ، فدخل يزيد على الحجّاج فقال : أصلحك الله ، قد قضيت أمس بقضية ما كان لي عجب غيرها ، فخرجت فلقيت فقيها من أهل الكوفة على الباب ، فذكرتها له ، فزعم أنه قضى بها رجل من أهل بدر ، فقال له الحجّاج : من هو؟ قال : لا أخبرك ، قد أخذ مني موثّقا ، قال : أرأيت إن أصبت ، قال : أنت أعلم ، قال هو عامر الشعبي ، قال : فضحك يزيد فقال : هذا قد عرفناه الآن ، فمن البدري؟ قال : لا أخبرك ، قد أخذ مني موثّقا ، فقال : عهد الله وميثاقه لا أضرّ به أحدا من المسلمين ، قال [له](١) هو علي بن أبي طالب ، فقال له الحجّاج : ويحك ، إنّا لم ننقم على علي جهالة القضاء ، كان أفضل (٢) الناس جميعا.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن أيوب بن الحسين ، وأبو بكر محمّد بن الحسين ، قالا : نا أبو الحسين بن المهتدي.
وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا عبد الله بن الحسن بن محمّد الخلّال ، وأحمد بن الحسن بن أبي عثمان ، قالوا : أنا أبو علي الحسن بن القاسم بن الحسن بن العلاء المعروف بابن الخلّال الدبّاس ، نا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن محمّد صاحب أبي صخرة ، نا علي بن مسلم ، نا عباد بن عباد المهلبي ، عن الزبير بن حريث عن نعيم بن أبي هند قال :
كنت جالسا إلى يزيد بن أبي مسلم أيام الحجّاج وهو يعذّب الناس ، فذكر رجلا في السجن ، فبعث إليه بغيظ وغضب ، فأتي به ، وما أشك أنه سيقع به ، فلمّا قام بين يديه رأيت الرجل يحرّك شفتيه بشيء لم أسمعه ، فرفع رأسه إليه فقال : خلّوا سبيله ، أو ردّوه ، قال : فقمت إلى الرجل ، فقلت له : شهدت هذا حين أرسل إليك بغيظ وغضب ، ولا أشك أنه سيقع بك ، فلمّا قمت بين يديه رأيتك حرّكت شفتيك بشيء لم أسمعه ، فأمر قبل بما أرى ،
__________________
(١) زيادة عن «ز».
(٢) رسمها في «ز» : أفعنل ، وفوقها ضبة.