بنت بحدل فطلّقها وهي حامل بيزيد ، فرأت في النوم كأن قمرا خرج من قبلها ، فقصّت رؤياها على أمّها ، فقالت : لئن صدقت رؤياك لتلدين من يبايع له بالخلافة.
أخبرنا أبو العزّ السلمي ـ مناولة وإذنا ـ وقرأ علي إسناده ، أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا القاضي (١) ، نا أحمد بن محمّد أبو عبد الله الأضاحي المعروف بحرمي ، نا أبو سعيد عبد الله بن شبيب ، حدّثني محمّد بن عبيد الله (٢) بن عمرو بن معاوية بن عتبة بن أبي سفيان ، عن أبيه قال :
جلست ميسون بنت بحدل الكلبيّة ترجّل ابنها يزيد بن معاوية وميسون يومئذ مطلقة ، ومعاوية وفاختة بنت قرظة ينظران إليها ، ويزيد وأمّه لا يعلمان ، فلمّا فرغت من ترجيله نظرت إليه فأعجبها وقبّلت بين عينيه ، فقال معاوية بيتا من شعر :
إذا مات لم تفلح مزينة بعده |
|
فنوطي عليه يا مزين التمائما |
قال : ومضى يزيد فأتبعته فاختة بصرها وقالت : لعن الله سواد ساقي أمّك ، فقال معاوية : أقد رأيتها؟ أما والله على ذلك لما فرجت عنه وركاها خير مما تفرّجت عنه وركاك.
وكان لمعاوية من بنت قرظة : عبد الله ، وكان أحمق الناس ، قالت فاختة : لا والله ، ولكنك تؤثر هذا عليه ، فقال : سوف أبيّن لك ذلك حتى تعرفيه قبل أن تقومي من مجلسك ، يا غلام أدع لي عبد الله ، فدعاه ، فقال له معاوية : أي بني ، إنّي قد أردت أن أسعفك وأن أصنع بك ما أنت أهله ، فاسأل أمير المؤمنين فلست سائلا شيئا إلّا أعطاكه ، فقال : حاجتي أن تشتري لي كلبا ، فارها وحمارا ، فقال معاوية : يا بني ، أنت حمار ويشترى لك حمار ، قم فاخرج ، قال : كيف رأيت؟ يا غلام ، ادع لي يزيد ، فدعاه ، فقال : يا بني ، إن أمير المؤمنين قد أراد أن يسعفك ويوسّع عليك ، ويصنع بك ما أنت أهله ، فاسأله ما بدا لك ، قال : فخرّ ساجدا ثم قال حين رفع رأسه : الحمد لله الذي بلغ أمير المؤمنين هذه المدة ، وأراه فيّ هذا الرأي ، حاجتي أن تعقد لي العهد من بعدك ، وتوليني العام صائفة المسلمين ، وتحسّن جهازي وتقويني ، فتكون الصائفة أول أسفاري ، وتأذن لي في الحجّ إذا رجعت ، وتوليني الموسم ، وتزيد أهل الشام عشرة دنانير لكل رجل ، وتجعل ذلك بشفاعتي (٣) ، وتفرض لأيتام بني جمح
__________________
(١) رواه المعافى بن زكريا في الجليس الصالح الكافي ٢ / ١٣٦.
(٢) في الجليس الصالح الكافي : عبد الله.
(٣) الأصل وم و «ز» : «شفاعتي» والمثبت عن الجليس الصالح.