علي بن أحمد بن عمر ، أنا محمّد بن أحمد بن الحسن ، أنا الحسن بن علي القطّان ، أنا إسماعيل بن عيسى ، أنا إسحاق بن بشر ، وحدّثني غير محمّد بن إسحاق عدة رجال منهم مقاتل بن سليمان ، وأبو مخنف ، وابن سمعان قالوا : [أو من](١) قال منهم : أن عمر بن الخطّاب لما استخلف وكانت خلافته لثمان ليال مضين من جمادى الآخرة ، وكتب إلى أبي عبيدة :
أمّا بعد ، فإنّ أبا بكر الصدّيق خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم توفي ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ، رحم الله أبا بكر العامل بالحقّ والآمر بالقسط ، والآخذ بالعرف ، والسهل ، القريب الوداع الحليم ، فنرغب إلى الله في العصمة برحمته ، والعمل بطاعته ، والخلود في جنّته ، إنه على كل شيء قدير ، والسّلام.
فخرج يرفا مولاه حتى أتى أبا عبيدة بن الجراح فقرأ كتاب عمر ، فلم يسمع فيه بيعة أحد ، فدعا أبو عبيدة معاذ بن جبل فأقرأه الكتاب ، فالتفت معاذ إلى الرسول ، فقال : رحم الله أبا بكر ، ويح غيرك ، ما فعل المسلمون؟ فقال : استخلف أبو بكر عمر ، قال : الحمد لله ، وفقوا وأصابوا ، فقال أبو عبيدة : ما منعني عن مسألته منذ قرأت الكتاب إلّا مخافة أن يستقبلني فيخبرني أنه ولّى غير عمر ، فقال له الرسول : يا أبا عبيدة إن عمر بن الخطّاب يقول لك : أخبرني عن حال الناس ، وأخبرني عن خالد بن الوليد أيّ رجل هو ، وأخبرني عن يزيد بن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص كيف هما في حالهما ونصيحتهما للمسلمين؟ فقال : خالد خير رجل وأنصحه للإسلام ، وأشدّه على عدوّهم من الكفار ، وعمرو ويزيد في نصيحتهما وجدّهما كما تحبّ ، قال : وأخبرني عن أخويك سعيد بن زيد ، ومعاذ بن جبل ، فقال : هما كما عهدت إلّا أن السؤدد زادهما في الدنيا زهدا ، وفي الآخرة رغبة قال : ثم إن الرسول قام ، فقالا : أين تريد؟ قال : أرجع ، فقالا : سبحان الله ، انتظر حتى نكتب معك ، فكتبا :
بسم الله الرّحمن الرّحيم ، من أبي عبيدة بن الجرّاح ، ومعاذ بن جبل إلى عمر بن الخطّاب ، سلام عليك ، فإنّا نحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو ، أمّا بعد.
فإنّا عهدناك وأمر نفسك لك مهم ، يا عمر ، قد أصبحت ، وقد ولّيت أمر هذه الأمة ، أحمرها وأسودها ، يجلس بين يديك العدو والصديق ، والضعيف والشديد ، ولكلّ عليك
__________________
(١) بالأصل : «قالوا : وقال منهم» والمثبت والزيادة عن «ز» ، وم.