حصته من العدل ، فانظر كيف تكون عند ذلك ، يا عمر ، وإنّا نذكرك يوما تبلى فيه السرائر ، وتنكشف فيه العورات ، وتعنت فيه الوجوه لعزّة ملك قهرهم جبروته ، فالناس له داخرون ، يخافون وينتظرون قضاءه ، وإنه بلغنا أنه يكون [في هذه الأمة رجال يكونون](١) اخوان العلانية أعداء السريرة ، وإنّا نعوذ بالله أن ينزل كتابنا منك بغير المنزلة التي أنزلناها من أنفسنا ، والسّلام عليك.
فمضى الرسول بالكتاب إليه ، وقال أبو عبيدة لمعاذ بن جبل : والله ما أمرنا عمر أن نظهر هلاك أبي بكر للناس ، وما نعاه إليهم ، فما ترى أن نذكر من ذلك شيئا دون أن يكون هو الذي يذكره؟ قال له معاذ : فإنك نعم ما رأيت ، فسكتا ، فلم يذكرا للناس من ذلك شيئا.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، وأبو بكر بن إسماعيل ، قالا : نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا عبد الله بن المبارك (٢) ، أنا إسماعيل بن عيّاش ، نا يحيى الطويل ، عن نافع قال : سمعت ابن عمر يحدّث سعيد بن جبير قال : بلغ عمر بن الخطّاب أن يزيد بن أبي سفيان يأكل ألوان الطعام ، فقال عمر لمولى له يقال له يرفا ، إذا علمت أنه قد حضر عشاؤه فأعلمني ، فلما حضر عشاؤه أعلمه ، فأتى عمر ، فسلّم واستأذن ، فأذن له ، فدخل (٣) ، فقرّب عشاؤه فجاء بثريدة لحم ، فأكل عمر معه منها ، ثم قرب شواء ، فبسط يزيد يده ، فكفّ عمر ثم قال عمر : الله يا يزيد بن سفيان ، أطعام بعد طعام؟ والذي نفس عمر بيده لئن خالفتم (٤) عن سنتهم ليخالفن بكم (٥) عن طريقهم (٦).
قال ابن صاعد : هذا حديث غريب ، ما جاء بهذا الإسناد إلّا ابن المبارك.
أخبرنا أبو السعود بن المجلي ، نا أبو الحسين بن المهتدي.
ح وأخبرنا أبو الحسين بن الفرّاء ، أنا أبي أبو يعلى ، قالا : أنا عبيد الله بن أحمد بن
__________________
(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك للإيضاح عن «ز» ، وم.
(٢) رواه عبد الله بن المبارك في الزهد والرقائق ص ٢٠٣ رقم ٥٧٨.
(٣) كذا بالأصل وم و «ز» ، والزهد ، وفي المختصر : ورجل.
(٤) بالأصل : خالفتهم ، والمثبت عن «ز» ، وم ، والزهد.
(٥) بالأصل : بك ، والمثبت عن «ز» ، وم ، والزهد.
(٦) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الزهد : طريقتهم.