ثلثا الناس فمن يبقى؟ فقال عليهالسلام : أما ترضون أن تكونوا الثلث الباقي (١).
وفيه عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : حججت مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حجّة الوداع ، فلمّا قضى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ما افترض عليه من الحج أتى مودع الكعبة فلزم حلقة الباب ونادى برفيع صوته : أيّها الناس ، فاجتمع أهل المسجد وأهل السوق فقال : اسمعوا إنّي قائل ما هو بعدي كائن فليبلغ شاهدكم غائبكم ، ثمّ بكى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى بكى لبكائه الناس أجمعين ، فلمّا سكت من بكائه قال : اعلموا ـ رحمكم الله ـ أنّ مثلكم في هذا اليوم كمثل ورق لا شوك فيه إلى أربعين ومائة سنة ثمّ يأتي من بعد ذلك شوك وورق إلى مائتي سنة ثمّ يأتي من بعد ذلك شوك لا ورق فيه حتّى لا يرى فيه إلّا سلطان جائر أو غني بخيل أو عالم راغب في المال أو فقير كذّاب أو شيخ فاجر أو صبي وقح أو امرأة رعناء ، ثم بكى رسول الله ، فقام إليه سلمان الفارسي رحمهالله وقال : يا رسول الله أخبرنا متى يكون ذلك؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا سلمان إذا قلّت علماؤكم وذهبت قراؤكم وقطعتم زكاتكم وأظهرتم منكراتكم وعلت أصواتكم في مساجدكم وجعلتم الدنيا فوق رءوسكم والعلم تحت أقدامكم والكذب حديثكم والغيبة فاكهتكم والحرام غنيمتكم ولا يرحم كبيركم صغيركم ولا يوقّر صغيركم كبيركم ، فعند ذلك تنزل اللعنة عليكم ويجعل بأسكم بينكم ، وبقي الدين لفظا بألسنتكم ، فإذا أوتيتم هذه الخصال توقّعوا الريح الحمراء أو مسخا أو قذفا بالحجارة ، وتصديق ذلك في كتاب الله عزوجل (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) (٢) فقام إليه جماعة من الصحابة فقالوا : يا رسول الله أخبرنا متى يكون ذلك؟
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : عند تأخير الصلاة واتباع الشهوات وشرب القهوات وشتم الآباء والامّهات حتّى تروا الحرام مغنما والزكاة مغرما ، وأطاع الرجل زوجته وجفا جاره وقطع رحمه وذهبت رحمة الأكابر وقلّ حياء الأصاغر وشيّدوا البنيان وظلموا العبيد والإماء وشهدوا بالهوى وحكموا بالجور ، ويسبّ الرجل أباه ويحسد الرجل أخاه ويعامل الشركاء بالخيانة ، وقلّ الوفاء وشاع الزنا وتزيّن الرجال بثياب النساء وسلب عنهنّ قناع الحياء ودبّ الكبر في
__________________
(١) غيبة الطوسي : ٣٣٩ ح ٢٨٦ ، البحار : ٥٢ / ٢٠٧ ح ٤٤.
(٢) سورة الانعام : ٦٥.